موسكو – (رياليست عربي): في ظل التصعيد المستمر في الأزمة الأوكرانية، تبرز تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا. تشير تقارير إلى أن كلا الجانبين يدرسان سيناريوهات مختلفة لحل الأزمة، بما في ذلك برنامج رئاسي محتمل يمكن أن يشكل أساساً لمفاوضات مستقبلية. تتركز الخلافات الأساسية بين موسكو وواشنطن حول قضايا جوهرية تتعلق بالتوسع شرقاً لحلف الناتو وطبيعة النظام الأمني في أوروبا، حيث تعتبر روسيا أن توسع الناتو نحو حدودها يشكل تهديداً لأمنها القومي، وبينما يؤكد الغرب على حق الدول في اختيار تحالفاتها.
رغم عمق هذه الخلافات، تظهر بعض العوامل التي قد تدفع الطرفين نحو البحث عن حل تفاوضي. فالحرب في أوكرانيا تستنزف الموارد الروسية والأوكرانية على حد سواء، كما أن الدعم الغربي لأوكرانيا بدأ يواجه تساؤلات داخل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة. من جانبها، تواجه روسيا ضغوطاً اقتصادية متزايدة بسبب العقوبات الغربية، مما قد يدفعها للبحث عن مخرج يخفف من هذه الأعباء. في هذا السياق، يمكن لأي اتفاق محتمل أن يركز على عدة نقاط رئيسية تشمل الضمانات الأمنية لموسكو بعدم توسع الناتو شرقاً، ومناقشة وضع المناطق المتنازع عليها مثل دونباس والقرم، وإمكانية تخفيف العقوبات الاقتصادية على روسيا مقابل تنازلات عسكرية أو سياسية، بالإضافة إلى وضع آليات مراقبة دولية لضمان التزام الأطراف بوقف إطلاق النار.
على الصعيد الدبلوماسي، تظهر بعض المؤشرات على استعداد الطرفين للتفاوض رغم التصريحات الرسمية المتشددة. فقد أشار مسؤولون أمريكيون في أكثر من مناسبة إلى أن الحرب ستنتهي في النهاية على طاولة المفاوضات، بينما أبدت روسيا انفتاحاً على الحوار مع تشديدها على ضرورة مراعاة مصالحها الأمنية. يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستمرار أن بلاده مستعدة للمفاوضات ولكن دون التنازل عن الأهداف الأساسية لما تسميه “العملية العسكرية الخاصة”.
التكلفة الباهظة للحرب على جميع الأطراف قد تزيد من الإرادة السياسية للبحث عن حلول وسطى، رغم أن التوقعات تبقى غير واضحة بسبب تعقيد المصالح الاستراتيجية لكل جانب. فروسيا تنظر إلى أوكرانيا كمنطقة نفوذ حيوية، بينما تعتبرها الولايات المتحدة وحلفاؤها جزءاً من صراع أوسع حول النظام الدولي. في النهاية، ورغم كل التحديات، تبقى الدبلوماسية السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة، مع الإدراك أن الطريق إلى أي اتفاق سيبقى طويلاً وشائكاً، ولن يحقق بالضرورة جميع مطالب أي من الجانبين.