موسكو – (رياليست عربي): تشهد العلاقات الروسية الأمريكية تحولاً محورياً مع اقتراب عقد قمة رئاسية جديدة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في ألاسكا، في لقاء يوصف بأنه قد يكون “نقطة اللاعودة” في المسار الثنائي بين القوتين العظميين.
وتأتي هذه القمة في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية توتراً غير مسبوق منذ أيام الحرب الباردة، مع تراكم الملفات الخلافية التي تتراوح بين الأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية والسباق التسلحي والتنافس في مناطق النفوذ حول العالم.
الخلفية التاريخية للقمة تذكرنا بلقاء ألاسكا الشهير عام 2021، الذي شهد مواجهة دبلوماسية حادة بين المسؤولين من الجانبين. لكن الخبراء يرون أن القمة الحالية تأتي في ظروف أكثر تعقيداً، مع تصاعد الخطاب العدائي ووصول التبادل التجاري بين البلدين إلى أدنى مستوياته منذ عقود. ومن المقرر أن تنعقد القمة في قاعدة عسكرية سابقة تحولت إلى مركز دبلوماسي، في رمزية واضحة لطبيعة العلاقات المتوترة بين الطرفين.
على طاولة المفاوضات، تبرز عدة ملفات شائكة يأتي في مقدمتها الملف النووي، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تجديد معاهدة “ستارت-3” مع إدخال تعديلات تفرض قيوداً إضافية على الترسانة النووية الروسية، بينما تبدو موسكو مصممة على ربط أي اتفاق جديد برفع العقوبات الغربية ووقف توسع حلف الناتو شرقاً. كما سيكون ملف الأسلحة الفضائية والذكاء الاصطناعي العسكري من المواضيع الساخنة في النقاش، في ظل سباق التسلح التكنولوجي بين الجانبين.
الملف الأوكراني سيحتل حيزاً كبيراً من النقاشات، حيث تريد واشنطن التزاماً روسياً بوقف دعم الانفصاليين في دونباس، بينما تطالب موسكو بضمانات بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو. كما أن ملف سوريا والشرق الأوسط سيكون حاضراً بقوة، خاصة في ظل التصعيد الأخير في المنطقة وتنامي النفوذ الروسي على حساب المصالح الأمريكية التقليدية.
في الجانب الاقتصادي، ستحاول الولايات المتحدة الضغط على روسيا للحد من تعاونها الاقتصادي مع الصين، بينما تريد موسكو رفع العقوبات التي تمنع شركاتها من الوصول إلى التكنولوجيا الغربية. كما أن ملف خطوط أنابيب الغاز ومشاريع الطاقة سيكون من نقاط الخلاف الرئيسية، خاصة بعد الأزمة الأوروبية الأخيرة في مجال الطاقة.
الخبراء ينقسمون حول توقعاتهم لنتائج القمة، حيث يرى البعض أنها قد تشكل فرصة أخيرة لإنقاذ العلاقات الثنائية من الانهيار التام، بينما يحذر آخرون من أنها قد تتحول إلى ساحة جديدة للمواجهة وتكريس القطيعة بين الجانبين. في كل الأحوال، فإن العالم سيراقب هذا اللقاء عن كثب، حيث أن نتائجه قد تحدد ملامح النظام الدولي للسنوات القادمة.
