في الذكرى الـ 75 لانتهاء الحرب العالمية الثانية، نشرت الرئاسة الأمريكية فيديو احتفالياً مثيراً للجدل لم يذكر الاتحاد السوفيتي الذي لعب الدور الرئيس في دحر النازية وتحرير العالم منها، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “في الثامن من مايو 1945 حققت الولايات المتحدة وبريطانيا الانتصار على النازية”، مشيراً إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا اليوم أقوى مما كانت في أي وقت مضى، طبقاً لمواقع إخبارية.
وتجاهل الفيديو بالكامل دور الاتحاد السوفيتي في دحر النازية، على الرغم من أن المعارك الحاسمة إبان الحرب العالمية الثانية جرت في الأراضي السوفيتية، حيث تمكن الجنود السوفيت من وقف تقدم العدو وإحداث تحول جذري في مجرى الحرب وتحرير أوروبا من النازية وصولاً إلى برلين، كما ولم تشارك القوات الأمريكية في الحرب ضد النازية في أوروبا حتى إنزال النورماندي 6 يونيو 1944، أي قبل أقل من عام من انتهاء الحرب التي انطلقت في 1 سبتمبر 1939 باجتياح قوات هتلر بولندا.
إن موقف الرئيس ترامب من تجاهل هذا الإنتصار واضح المعالم، حيث يعمد في الفيديو إلى طمس الحقائق أمام الأجيال الجديدة من شعبه، رغم أن العامل الإفتراضي وثق تلك الحرب والإنجازات التي تحققت فيها، خاصة وأن هذا الإنتصار قد كلف ما يقارب 28 مليوناً من المواطنين السوفييت آنذاك، ما يتجاوز بعشرات الأضعاف خسائر أمريكا وبريطانيا اللتين لم تبلغ أراضيهما قوات هتلر وحلفائه من جيوش النازية والفاشية التي حشدها في أوروبا.
فتعتيم ترامب عن تلك الحقائق يأتي في سياق الغيرة من قوة الإتحاد الروسي الحالي وقوة الإتحاد السوفيتي وإنجازاته العسكرية في الحرب العالمية الثانية، في حين أن الولايات المتحدة، تبحث عن إنتصارات تتغنى بها، وعن تاريخ تقف على مشارفه، وهي الدولة المحتلة، والغازية وقد تكون لديها صفات مع النازية إبان فترة أوجها الماضية، فممارسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، تؤكد أن بلادها دولة حرب لا دولة سلام، وأوصلت العالم في كثير من الأحيان إلى حروب دموية كما العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وفيتنام وفي كل مكان يوجدون فيه، يعم الدماء والبلاء على شعوب العالم.
فالإتحاد السوفيتي ليس بحاجة إلى شهادة من ترامب أو أي أمريكي غيره، فبطولاته شاهدة على ما قدم للعالم، ورغم تفككه، إلا أن الإتحاد الروسي، يسير علىذات النهج خاصة في الملفات الدولية السياسية منها والعسكرية والإقتصادية، في حين أن الولايات المتحدة تعاني ما تعاني من إرتدادات السياسات المتعاقبة والتي يمكن القول إنها فاشلة على حد كبير، على الرغم من قوة أمريكا العسكرية، ودورها كشرطي على العالم اليوم لن يحقق لها ذلك الإحترام الذي تكنه شعوب العالم للاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الإتحادية اليوم.
من هنا، يعمد ترامب إلى تشويه الحقائق، من خلال المراوغة والكذب فتراه طبيباً يتدخل في علاج جائحة “كورونا” وتراه يناقش في السلاح النووي وإلغاء المعاهدات العالمية، ويبحث في الاقتصاد ويلقي الإتهامات هنا وهناك، لعل أبرزها ما نسبه إلى سلفه باراك أوباما بأنه أورثه نظام صحي فاشل ليبرر لنفسه الأعداد الهائلة التي قصت جراء الوباء، إلا أن المؤكد أن شعوب العالم تيقنت بأن هذا البلد هو مصدر الوباء بمعناه الإرهابي والإقتصادي والصحي وحتى الأخلاقي.
فريق عمل “رياليست”