هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف التمويل عن منظمة الصحة العالمية للأبد ما لم تُجرِ تحسينات خلال 30 يوماً، وبإعادة النظر في عضوية الولايات المتحدة الأمريكية بها، وكتب ترامب رسالة على تويتر للمدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم جيبريسوس جاء فيها، “إذا لم تتعهد منظمة الصحة العالمية بإجراء تحسينات جوهرية خلال الثلاثين يوماً القادمة، فسأجعل تجميدي المؤقت للتمويل الأمريكي للمنظمة دائما وسأعيد النظر في عضويتنا”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وأعلنت المفوضية الأوروبية دعمها منظمة الصحة العالمية في مواجهة تهديدات الرئيس ترامب، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيرجيني باتو في مؤتمر صحفي: “هذا وقت إظهار التضامن بدلاً من توجيه أصابع الاتهام أو تقويض التعاون متعدد الأطراف” مضيفة: “الاتحاد الأوروبي يدعم التعاون الدولي خلال هذه الأزمة”، مشيرة إلى أن “الجهود متعددة الأطراف هي الخيارات الوحيدة القابلة للتطبيق للفوز في هذه المعركة”.
إن تهديد ترامب والتلويح بتنفيذه بعد ثلاثين يوماً، هو أمر مؤكد، وما هذه المدة إلا أسلوب ليس لتقوم المنظمة العالمية بواجباتها، بل لتتم حسابات الإدارة الأمريكية جيداً، وسط تفاقم مشكلة العاطلين عن العمل وتوقف الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يعني حاجة الولايات المتحدة للكثير من النقد من خلال إعانات للمجتمع الأمريكي الذي بدأ في الإنهيار، فلا النفط ولا السياحة أو أي قطاع آخر سيفيد واشنطن وسط حالة الجمود الاقتصادي جراء ما يحدث حول العالم، بسبب جائحة “كورونا”.
فحروب ترامب الاقتصادية ليس مع منظمة الصحة العالمية، بل أساساً هي مع الصين وتترجم ذلك من خلال معاقبة شركات الاتصالات الصينية “هواوي”، وما هي إلا أيام قليلة حتى يتم تفعيل قانون قيصر بحق سوريا، كما أعلن في وقت سابق المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، فالسلاح الاقتصادي الأمريكي سلاح قديم – جديد، فالآن مع تشكيل جيش يضم 10 آلاف مقاتل في الشرق السوري، جلهم من قوات سوريا الديمقراطية – قسد، لحراسة النفط السوري، والذي تأكد بيعه “خام”، لكن الخبر ليس هنا، إنما ذكر معلومات عن ان العربية السعودية هي من ستمول هذا المشروع لتدري هؤلاء، المدربين أساساً، ما يعني الإستحواذ الأمريكي والإستثمار أيضاً تحت هذا البند، حتى وإن كان التمويل بضعة ملايين.
فما تقوم به الصحة العالمية مجرد إعطاء النصائح، فالتمويلات المدفوعة سواء من إدارة ترامب أو غيره، حول العالم، كان من المفروض أن تطور علاجات ناجحة في مواجهة هذا الوباء، رغم أنه لا يجوز لترامب وقف التمويل، لكن من جانب آخر هو يريد تخفيف النفقات طالما أن الجائحة مستمرة، فواشنطن تعودت أن تأخذ ولا تعطي، وكيف في ظل هذه الظروف.
من هنا، إن جائحة كورونا، كشفت الأنظمة وتباينات العلاقات الدولية على حقيقتها، إلا الولايات المتحدة الأمريكية فهي الدولة الحقيقية الوحيدة حيث تعترف بما تريد أن تفعل ومن ستعاقب، وأية إتفاقية أو إتفاق ستنسحب منه، أما بقية الدول والتكتلات التي أثبتت أنها إتحادات ومنظمات مهزوزة، أكدت لنا مجدداً، أن الغرب لا يهمه إلا الاقتصاد، أما الإنسان والإنسانية فهي آخر الإهتمامات.
فريق عمل “رياليست”.