أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأسبوع الماضي، رسمياً رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في خطوة هامة جداً تنتهي بها حقبة عصيبة من تاريخ السودان استمرت قرابة 3 عقود من العقوبات. وذكر بيان للخارجية الأمريكية: “اليوم، تم رسمياً إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.. وهذا يمثل تغييراً جوهرياً في علاقتنا الثنائية نحو زيادة التعاون والدعم للتحول الديمقراطي التاريخي في السودان”.
ورداً على ذلك رحب كبار المسؤولين السودانيين، بخطوة شطب اسم الخرطوم من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وقال رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك على “تويتر”: “اليوم وبعد أكثر من عقدين، أعلن لشعبنا خروج اسم بلادنا الحبيبة من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وانعتاقنا من الحصار الدولي والعالمي الذي أقحمنا فيه سلوك النظام المخلوع”. وأضاف “اليوم نعود بكامل تاريخنا وحضارة شعبنا وعظمة بلادنا وعنفوان ثورتنا إلى الأسرة الدولية كدولة محبة للسلام، وقوة داعمة للإستقرار الإقليمي والدولي”، طبقاً لوكالة “رويترز“.
ما مقابل شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
رغم حجم التفاؤل الذي وضعته هذه الخطوة في نفوس المسؤولين السودانيين، إلا أنها أيضاً قد يترتب عليها بعض النقاط السلبية، فبخلاف التسوية بين الجانبين والتي تقضي بدفع الخرطوم لمبلغ 335 مليون دولار، كتعويض لعائلات ضحايا هجمات تنظيم القاعدة على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، بإعتبار واشنطن أن الخرطوم كانت تأوي “أسامة بن لادن” زعيم تنظيم القاعدة في الفترة بين 1993حتى1996.
أيضاً النقطة الأبرز كانت انضمام السودان لقطار التطبيع العربي مع إسرائيل، وهو ما سيضع الإلتزام السوداني بالقضية الفلسطينية في محل الشك في الفترة المقبلة، وما قد يحمله القرار في طياته من أبعاد أخرى قد تتمثل في هيمنة واشنطن المحتملة في الفترة المقبلة على صنع القرار في السودان، فقد يكون عزم الولايات المتحدة على إعادة هيكلة أو تأجيل أو إلغاء الديون المفروضة على السودان، على حساب وضع السودان تحت الإشراف المباشر والهيمنة الأمريكية، كما فعلت واشنطن مسبقاً مع الدول التي كانت حليفة للمعسكر الشرقي بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن المنصرم.
ما الذي سيعود على السودان بعد الخروج من القائمة؟
لاشك أن السودان سيحقق عدداً من المكاسب بعد هذا الإعلان على كافة الأصعدة:
أولاً، على الصعيد الإقتصادي: سيتمكن السودان من العودة مرة أخرى للنظام المصرفي العالمي، وهو ما سيساعده في رفع القيود المفروضة على تعاملاته المالية. وسيعود السودان من جديد لعضوية البنك الدولي، مما سيتيح له إمكانية التفاوض لمعالجة أزمة الديون المتعثرة والتي تبلغ قيمتها حسبما صرح رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” ما يزيد عن 60 مليار دولار.
كما سيتمكن السودان من طلب الحصول على القروض من المؤسسات المالية الدولية، كما سيحصل أيضاً على المساعدات السنوية المخصصة للدول الأقل نمواً.
ثانياً، على الصعيد السياسي: سيعود السودان من جديد للظهور بصورة أكبر دولياً، فسيتمكن من استعادة علاقاته الدبلوماسية مع المجتمع الدولي، كما سيستفيد من المزايا القنصلية التي من شأنها أن تقلل من قيود التدقيق الأمني.
ثالثاً، على الصعيد الإنساني: سوف يتاح للسودان الحصول على المنح والمساعدات الدوائية والغذائية وفق برنامج الأمم المتحدة. وسيحصل السودان أيضاً على المعونات الدولية المخصصة لحالات الكوارث الطبيعية. سيستطيع السودانيون والذين يتواجدون في مناطق النزاعات والصراعات بالبلاد من الحصول على الدعم المادي واللوجستي اللازم.
أخيراً، إن قرار شطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، رغم ما يحمله من مكاسب للسودان ستساهم في التخفيف من معاناة البلاد، لكن من المتوقع أن الإستفادة السودانية قد تكون وقتية فقط، فمشكلة الديون متفاقمة في البلاد، وتمكن السودان من الإقتراض لن يحل الأزمة بل سيزيدها سوءاً، كما أن الولايات المتحدة قد يتيح لها هذا القرار إمكانية أكبر من التغلغل في الشأن الداخلي السوداني، خاصة أنها لا تريد أن يمتد النفوذ الروسي إلى السودان وبالتحديد بعد الإتفاق الأخير بين موسكو والخرطوم على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان.
فريق عمل “رياليست”.