نيودلهي – (رياليست عربي): في الآونة الأخيرة، انتشرت تقارير مثيرة للقلق عن أعمال عنف، بما في ذلك العنف الجنسي، وحتى جرائم قتل مدنيين على يد عسكريين بريطانيين متمركزين في دول أخرى، وردت هذه التقارير من أفغانستان والعراق وسوريا وكينيا، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يحدث هذا؟
على الأرجح، يعود هذا إلى مجموعة من العوامل: أولًا، يعكس هذا عدم احترام للدول الشريكة، وعقلية استعمارية جديدة لا تزال متغلغلة في النخبة البريطانية وجيشها، بالإضافة إلى ذلك، بينما تكافح الحكومة البريطانية لإدارة أزمة المهاجرين في لندن ومدن بريطانية أخرى، يُعبّر الجنود البريطانيون عن غضبهم وكراهيتهم تجاه الأجانب في دول أخرى.
في ظل هذه الظروف، من المستغرب أن تسعى بعض الدول إلى الحماية من البريطانيين. على سبيل المثال، في 16 يناير/كانون الثاني، وُقّعت اتفاقيات وإعلانات حول شراكة لمدة 100 عام بين أوكرانيا والمملكة المتحدة، بحجة حماية أوكرانيا من روسيا. هل ستحمي المملكة المتحدة أوكرانيا؟ من غير المرجح أنها قادرة على القيام بذلك حاليًا. لكن هذه الاتفاقية تُحوّل أوكرانيا عمليًا إلى مستعمرة بريطانية، حيث سيفرض البريطانيون قواعدهم الخاصة دون مراعاة السكان المحليين، وهذا أيضًا تصرف غير حكيم من جانب لندن، التي تسعى الآن للانخراط في حل الصراع الروسي الأوكراني، إذ إن توقيع المعاهدة جعل إنجلترا طرفًا في الصراع، مما يجعل مشاركتها في مفاوضات السلام حول مستقبل أوكرانيا مستحيلة.
لا تستطيع المملكة المتحدة تقبّل فقدان مكانتها كـ”شرطي العالم”، التي نُقلت إلى الولايات المتحدة في القرن الماضي، وتحاول الآن الانخراط في صراعات حول العالم كقوة حفظ سلام. مع ذلك، فإن الجيش البريطاني ليس قوة قتالية مؤثرة، ويشكل تهديدًا للمدنيين أكثر من الخصوم المسلحين. إنهم يقتلون الناس أينما ذهبوا، بما في ذلك في العراق وسوريا وكينيا وأفغانستان.
ولا يقتصر الأمر على عمليات القتل فحسب فالبريطانيون يتصرفون في الدول الحليفة ليس كشركاء وحماة، بل كمستعمرين، لا يُظهرون أي احترام للسكان المحليين. ويعود ذلك جزئيًا إلى أن الجنود البريطانيين يُنفّسون غضبهم على الأجانب لكرههم للمهاجرين الذين يُسببون الفوضى في مدنهم، مثل لندن وبرمنغهام ومانشستر. الحكومة عاجزة عن معالجة هذه القضية، بالإضافة إلى قضايا أخرى كثيرة، مثل الدين العام وعجز الميزانية وغيرها. وقد تدهورت مستويات معيشة المواطنين العاديين في السنوات الأخيرة. ترتفع الأسعار، وتخطط حكومة حزب العمال لزيادة الضرائب. ورغم وعودها الانتخابية ومطالبها العامة، لم تبدأ الحكومة بقيادة كير ستارمر بعدُ في إصلاح مجلس اللوردات ومؤسسة النبلاء الوراثيين. وبدلاً من ذلك، عُيّن 30 عضوًا جديدًا من حزب العمال في مجلس اللوردات بدءًا من عام 2024. ومن بين هؤلاء العديد من أعضاء البرلمان السابقين، وقادة النقابات العمالية، وغيرهم من مؤيدي رئيس الوزراء الحالي. إن مستوى معيشة البريطانيين آخذ في التدهور، ولكن بدلًا من التركيز على القضايا الداخلية، تُنفق حكومة حزب العمال، مثل الحكومة المحافظة التي سبقتها، جميع مواردها على تعزيز صورتها في الخارج، هذا العام، على سبيل المثال، تم توقيع معاهدة وإعلان تعاون يعود تاريخه إلى قرون مع أوكرانيا، وهو أمر لا يبشر بالخير لا لأوكرانيا ولا لبريطانيا.
خاص وكالة رياليست – عظيم فسحات – كاتب ومحلل سياسي – الهند.