باريس – (رياليست عربي): بعد عدة أيام من عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مقر إقامته بالبيت الأبيض من بعد انتهاء جولته في دول الخليج العربي والتي أطلقت عليها “زيارة القرن”.
وقد تابعت مراسم الاستقبال الحفاوة العظيمة التي استقبل بها ترامب، وهو الأمر المعتاد معه، فقد استقبل في زيارته السابقة بنفس الأبهة والفخامة.. وخلال هذه الأيام قرأت العديد من التقارير والتحاليل التعليقات على هذه الزيارة، فوجدت من وصفها بأنها زيارة تاريخية وهي بمثابة “فجر جديد”، وعلى الجانب الآخر من هاجمها هجوم شديد منتقدا مظاهر الاسراف والبذخ التي حفلت بها الزيارة، وأنها لم تقدم أي شيء للقضية الفلسطينية، بل إنها زادت من نقاط الخلاف والتباعد بين الدول العربية، وزادت من حدة الانقسام والتنافر بينهم، فهو اختلاف موجود ولم يزل، ولكنة زاد وتصاعد، حتى دفعني إلى تسميته بـ “الغروب الجديد” ليرادف ويقابل “الفجر الجديد”.
فجر جديد
على الجانب الأمريكي، فقد جمع حجم استثمارات هائلة، يمكن اعتبارها هي الأضخم في تاريخ العلاقات الدولية والاقتصادية بين الدول، وكما أعلن وجاء على لسان ترامب، أنها قاربت 14 تريليون دولار، هناك من أعلن عنها وهناك ما لم يعلن .
بالطبع تلك الاستثمارات سوف يكون لها عامل السحر على الاقتصاد الأمريكي، وأيضاً الخليجي، ولكن بالطبع الكفة ترجح الجانب الأول.
على الجانب العربي الخليجي، نجحت دول الخليج بتجديد علاقاتها مع الولايات المتحدة، والابتعاد عن التفاهم القائم على النفط مقابل الأمن، نحو شراكات أقوى تتركز في الاستثمارات الثنائية والرؤى المشتركة.
كان الانفراج بين الولايات المتحدة وسوريا أيضًا مكسبًا دبلوماسيًا كبيرًا. خلال زيارته، التقى ترامب بالرئيس السوري الانتقالي “أحمد الشرع “.
تأمل دول الخليج على الاستثمار في سوريا ودعم اقتصادها ، مما يُمهد الطريق لاستثمارات وعوائد بمليارات الدولارات.
إن حدوث التقارب بين الولايات المتحدة وسوريا برعاية سعودية قد يمنح الرياض وعواصم خليجيه أخري فرصاً أكبر في دمشق، سياسياً واقتصاديا.
أول زيارة رسمية لرئيس أمريكي إلى إمارة قطر ، فقد سبق لرئيس أمريكي السابق جورج دبليو بوش زيارتها (غير رسمية) عام 2003، بقاعدة السيلية العسكرية، حيث ألقى كلمة أمام عسكريين أمريكيين .
إمارة قطر هي الدولة الخليجية العربية التي تربطها بواشنطن علاقات أمنية رسمية. فهي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، والتي تصفها وزارة الخارجية الأمريكية بأنها “لا غنى عنها” للعمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.
دولة الإمارات العربية المتحدة تأمل أن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، لكنها تحتاج إلى الرقائق الأمريكية لتحقيق هذا الهدف، ومن المحتمل أن تصبح هذه الرقائق متاحة قريبًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد السماح لها باستيراد شرائح ورقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة.
حيث أعلن إن ابرام اتفاق على إنشاء “مسار” للإمارات لشراء بعض أشباه الموصلات الأكثر تقدما في مجال الذكاء الاصطناعي من الولايات المتحدة.
لماذا غروب جديد؟
مما لا شك فيه أن حفاوة الاستقبال، التي وصفها ترامب وكثير من مرافقيه بأنه استقبال خيالي واسطوري، من المؤكد سوف يزيد من أطماع الأمريكان والغرب والآخرين في دول الخليج، لذا على دول الخليج الحذر كل الحذر من هذا الأمر، خاصة وأن كثير من دول العالم تمر بظروف اقتصادية ومالية صعبة للغاية.
هناك شريحة كبيرة من شباب العالم العربي، في حالة ذهول وتساؤل، لماذا لا تقوم تلك الدول بضخ جزء من تلك الاستثمارات في دولهم، والتي من المؤكد أنها سوف تغير أحوالهم المعيشية، فحجم الديون الخارجية للدول العربية بما فيها دول الخليج تقترب من 2 تريليون دولار.
التقارب الخليجي السوري، واستقبال احمد الشرع الرئيس السوري المؤقت، دون مشاركة الجانب المصري، بالطبع يلقي تحفظ كبير من مصر الدولة العربية الكبرى في المنطقة، خاصة في ضوء خلفية احمد الشرع الجهادية المتشددة، بل صرح أحد مسؤولي المخابرات المركزية الأمريكية أنه قام بتدريبة من أكثر من 10 سنوات.
القضية الفلسطينية، وهي القضية المحورية والمركزية للعالم العربي والإسلامي، للأسف لم يكن لها أي تواجد، لا من قريب أو بعيد، مما أغضب الشارع العربي كثيرا، في ظل إصرار وتعنت الجانب الإسرائيلي على تدمير وحصار وتجويع وإبادة القضية الفلسطينية شعبا ومقاومة .
تجلى هذا الموقف في اجتماع القمة العربية الذي عقد في بغداد العاصمة العراقية، حيث كان اجتماع، جاء عقد “زيارة القرن”، فقد وصفها البعض بالقمة بلا جديد، وان المواقف والكلمات مكررة للقمم السابقة، وأهم مخرجاتها كانت الكلمة التي ألقاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي أكد فيها على أن القضية الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل الخامس من يونيو من عام 67 هي الحل لأمن واستقرار المنطقة وخاصة إسرائيل، وبدون ذلك فلا سلام ولا استقرار، حتي وإن تم توقيع اتفاقيات أبراهام مع باقي الدول العربية.
وأخيرا.. الأمر متروك لك عزيزي القارئ للحكم، هل هو فجر جديد؟ أم غروب جديد؟
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.
