ستوكهولم – (رياليست عربي): في خطوة جديدة لمواجهة الأنشطة غير القانونية في مياهها الإقليمية، أعلنت السويد عن تدابير صارمة لمراقبة ومكافحة ما يُعرف بـ”الأسطول الظل الروسي” في بحر البلطيق.
يأتي هذا القرار في إطار جهود دولية أوسع لمحاربة الصيد غير المشروع وحماية الموارد البحرية المهددة بالاستنزاف، وتشير تقارير حديثة إلى تزايد الأنشطة المشبوهة لسفن صيد روسية في المناطق الاقتصادية الخالصة للسويد ودول البلطيق الأخرى.
هذه السفن، التي تعمل غالبًا تحت أعلام وهمية أو تستخدم تقنيات تعطيل الأقمار الصناعية، تمارس صيدًا جائرًا دون أي اعتبار للحصص المسموح بها أو لفترات الحظر الموسمية. الأسطول الظل ليس مجرد مشكلة بيئية، بل يمثل تحديًا أمنيًا واقتصاديًا لدول المنطقة.
الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم (IUU) يُعد أحد أكبر التهديدات للنظم الإيكولوجية البحرية، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يتسبب الصيد الجائر في خسائر تقدر بـ 26 مليون طن من الأسماك سنويًا، بقيمة تصل إلى 23 مليار دولار، في بحر البلطيق على وجه الخصوص، أدت هذه الممارسات إلى انخفاض حاد في أعداد أسماك القد والرنجة، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش آلاف الصيادين المحليين.
وتعتمد السويد الآن على منظومة متكاملة من التقنيات المتطورة لتعقب السفن المشبوهة، تشمل أنظمة مراقبة بالأقمار الصناعية قادرة على كشف محاولات تعطيل أجهزة التعريف الآلي (AIS)، وطائرات دون طيار مجهزة بأجهزة استشعار متطورة، وتحاليل البيانات الضخمة لتحديد أنماط الحركة المشبوهة، بالإضافة إلى تعاون وثيق مع منظمات مثل مركز مراقبة الصيد غير القانوني التابع للاتحاد الأوروبي.
كما لا تقتصر جهود مكافحة الصيد غير القانوني على السويد وحدها، فقد أطلقت دول الاتحاد الأوروبي مبادرة مشتركة لتعزيز الرقابة في بحر البلطيق، بما في ذلك تبادل المعلومات في الوقت الحقيقي وتنسيق عمليات التفتيش المشتركة، كما تعمل منظمة حماية البيئة البحرية في البلطيق (HELCOM) على وضع استراتيجيات إقليمية شاملة للحفاظ على الثروة السمكية. تواجه السلطات السويدية تحديات كبيرة في ملاحقة السفن المخالفة، خاصة تلك التي تعمل تحت أعلام دول تتعاون بشكل محدود في مجال إنفاذ القانون البحري، كما أن بعض السفن تستخدم أساليب متطورة لإخفاء هوياتها الحقيقية وأنشطتها غير المشروعة، مما يجعل عملية جمع الأدلة القابلة للاستخدام في المحاكم مهمة معقدة.
بينما تشكل جهود السويد خطوة إيجابية في حماية البيئة البحرية، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذه الجهود على المدى الطويل، الخبراء يؤكدون أن الحل الجذري يتطلب نهجًا متكاملًا يجمع بين تعزيز القدرات الرقابية والتكنولوجية، وتشديد العقوبات على الشركات المتورطة، وزيادة الوعي العام بخطورة الصيد الجائر، وتطوير اتفاقيات دولية أكثر صرامة.