قال الممثل الخاص للولايات المتحدة الأمريكية لدى سوريا، السفير جيمس جيفري، إن بلاده لا تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي بل تريده أن “يغير سلوكه”، معلناً أنه أن الولايات المتحدة لا تصر على الاستقالة الفورية للرئيس السوري وانسحاب روسيا من الأراضي السورية، وذلك خلال مؤتمر عبر الإنترنت في معهد الشرق الأوسط، بحسب وكالات أنباء.
لم يمضِ الكثير على سريان قانون “قيصر” الأمريكي تجاه سوريا، والذي تبنى جيفري معظم التصريحات المتعلقة به، موضحاً موقف بلاده منه، وما أهميته ودوافع الإدارة الأمريكية بما يتعلق به، وكانت التصريحات في معظمها، شديدة اللهجة، في حينها، ليخرج التصريح الأخير، خلافاً للتوقعات، ما يعتبر إستدارة أمريكية غير مباشرة لجُملة من الأسباب:
أولاً، إن تغيير الخطاب الأمريكي يشي بأن هناك أوراق غير معلنة تم طرحها عبر دولة “وسيطة” وبصرف النظر عمّن هي، إنما فيما تبدو أنها ليست لصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
ثانياً، إن تداخل الملفات في الشرق الأوسط، أي سوريا وليبيا واليمن، أعاد ترتيب الولايات المتحدة لأولوياتها، للخروج بهكذا تصريح، خاصة بعد محاولاتها الحثيثة إخراج روسيا من الملف الليبي.
ثالثاً، الإعلان الإيراني حول مراقبة تحركات القوات الأمريكية في سوريا والعراق، إضافة إلى الأراضي الفلسطينية، عبر صور فضائية يومية، ما يضع القوات الأمريكية هدفاً إيرانياً، في حال القيام بأية مغامرة في البلدين المذكورين.
رابعاً، المفاوضات الجارية في العراق حول الانسحاب الأمريكية والتي هي في الأساس إتفاقية تمت مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، تشي بأن واشنطن تعلم النفوذ الإيراني وقدرته على تغيير الوقائع لصالحه في العراق، خاصة مع العملية العسكرية التركية الأخيرة وتجاوزها سيادة العراق، دون أن يحرك الأمريكي ساكن.
خامساً، المسيرات التي تم إطلاقها من قبل الحوثيين فجر اليوم في عمق العاصمة السعودية – الرياض وتحديداً شمالها، ونزول القوات الأمريكية إلى الملاجئ، يبين أن الأوراق التي تملكها روسيا مع إيران بتحالفهما مع سوريا، سيعمل على إنفراجة معينة في الملف السوري على الأقل.
هذه الأسباب مع ربطها معاً، تؤكد أن موسكو وطهران بدأتا فعلاً بتنفيذ الخطة “ب”، وهي عدم السماح لواشنطن الإستفراد في الملف السوري، بعكس ليبيا التي قد يكون لا مصالح مباشرة للطرفين فيها، إنما إظهار روسيا بموقع المتدخل بعكس ما هو عليه، أوجب على موسكو التصرف سريعاً في الملف السوري، ليس فقط لجهة الحالة الاقتصادية وتداعياتها على سوريا، بل بمحاولة لإعادة الملف ووضعه على السكة الصحيحة، لإستكمال التحرير.
يُضاف إلى ذلك، محاولات تركيا إقصاء روسيا من الشمال السوري، أصبح واضحاً للعيان، خاصة عند طريق حلب – اللاذقية الدولي، أو ما يُعرَف بطريق “إم -4″، وبالطبع بعد السيطرة الأخيرة لبعض المناطق في ليبيا من قبل حكومة الوفاق، زاد التعنت التركي في أغلب المناطق المتواجد بها.
وبناءً على ما ورد أعلاه، تعلم واشنطن، أن الملفات التي يمسكها الإيراني في سوريا واليمن والعراق، تضعه في موقع ليس جيداً، وبالتالي، سوريا هي الأقل أهمية بينهم بالنسبة لأمريكا، من الناحية الإستراتيجية، وما الوجود الأمريكي فيها إلا للضغط في أي عملية تفاوضية مقبلة، على الرغم من سرقة النفط السوري وغيره في الشرق، إلا أن ذلك ليس ذي أهمية مقارنةً بثروات العراق، وموقع اليمن الإستراتيجي، فإن أرادت الإدارة الأمريكية الوصول إلى نتائج مرضية في الملف العراقي لجهة خروج قواتها، عليها أن تتنازل في ملفاتٍ أخرى، وهذا ما لمسناه فجر اليوم في المملكة العربية السعودية التي أصابتها المسيرات الحوثية في عمق العاصمة المركزية، ما يعني أن الصراع مفتوح على جميع الإحتمالات، وأقله إتباع مبدأ الحزم، لإستعادة روسيا لزمام المبادرة أسوةً بالأعوام 2016 – 2017 – 2018 – وحتى نهاية 2019.
فريق عمل “رياليست”.