لمحت اليونان إلى إمكانية اللجوء إلى المحكمة الدولية، لحل نزاعها الحدودي مع تركيا، الذي تسبب في أزمة شرقي البحر المتوسط دفعت المنطقة إلى شفا الحرب، وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن “التحركات التركية تهدد الأمن في المنطقة”، وأكد أن “الاستفزازات التركية لا يمكن أن تستمر”، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وإعتبر ميتسوتاكيس أن “أنقرة ردت على دعوتنا للحوار بالتصعيد والاستفزاز”، مضيفا: “اللجوء إلى المحكمة الدولية من بين خياراتنا لحل خلافنا مع تركيا”.
ما جديد الأزمة؟
مع تأجيل إنعقاد القمة الأوروبية التي كانت مقررة في 24 سبتمبر/ أيلول، إلى الأول والثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والتي كان من المتوقع أن يتم فيها تباحث أزمة شرق المتوسط، وفرض عقوبات إقتصادية على تركيا، جراء تصعيدها الأخير في هذا الملف.
فلقد إعتبرت أنقرة إن إرجاء القمة أعطاها فرصة جديدة للمناورة في هذا الملف، وبعد أن سحبت سفينة التنقيب العائدة لها، وقالت إنها ستعطي فرصة للمساعي الدبلوماسية، أعادت السفينة مرة أخرى، في تحدٍّ واضح للمجتمع الدولي الذي كان يحاول حل هذا الملف بالطرق الدبلوماسية.
الأمر الذي إعتبرته اليونان، تصعيداً وإستفزازاً لها، ملوحة برفع القضية إلى المحكمة الدولية كأحد الخيارات التي من الممكن أن تستخدمها ضد جارتها.
في حال التصعيد، ما هي المواقف المتوقعة للغرب؟
أعلنت الدول الأوروبية وقوفها إلى جانب اليونان، كذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم محاولاتهم التهدئة، إلا أن تركيا أخطأت مرتين، وكان هذين الخطأين إنذاراً كافياً لإنقلاب الدول التي كانت حليفة لها في بعض الملفات، أن تقف ضدها في ملف أزمة شرق المتوسط، هذه الأخطاء كان أولها، التحشيد العسكري على الحدود مع اليونان والتصريحات التركية التي قللت من شأن أثينا في حال إندلاع حرب بين الجانبين، وأما الخطأ الثاني تمثل بالمناورات العسكرية البحرية، ووضع سفن عسكرية في المتوسط وسفن تنقيب وحدوث حادث إصطدام مع أخرى يونانية، هذه الأمور هي إثبات لقوة أنقرة من المنظور التركي، لكنها أيضاً نبّهت الغرب إلى خطر المد التركي، والعمل على إيقافه قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وبالتالي، إن حدث وإنتقلت الأزمة إلى المحكمة الدولية أو إلى مجلس الأمن الدولي، أو حدثت حرب بين الجانبين، فسيكون الغرب ومعهم واشنطن إلى صف اليونان هذه المرة، وبالتالي على تركيا أن تحاول تصحيح مسار علاقاتها وتقوم بمعالجة هذه الأزمة، حتى تتجنب الخسائر التي ستحدث لها.
هل أضرت منظمة دول غاز شرق المتوسط بتركيا؟
بعد إنشاء سوق إقليمية للغاز بمنطقة شرق المتوسط، وحصولها على الإمتيازات الدولية، والتي قيل إنها تشبه إلى حد كبير منظمة أوبك العالمية للنفط، بعد توقيع الميثاق الخاص بتحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية حكومية مقرها القاهرة.
لا شك أن هذا المنتدى، سلاح قوي صوِّب نحو أنقرة، لم تكن لتتوقع حدوثه، ومسألة حدوثه أصبحت واقعاً خاصة بما يتعلق بالتنقيب العادل في البحر المتوسط، وعدم السماح لأي دولة محاولة التنقيب غير الشرعي عن مصادر الطاقة في البحر، ما يعني أن هناك شروطاً وقوانين تم إتخاذها لمجابهة الدول التي تحاول فعل ذلك، وتحويل هذه المنصة إلى منظمة رسمية معترف بها دولياً، فهي رسالة سياسية بإمتياز ضد أنقرة، فلن يكون بمقدور الأخيرة التلاعب في هذا الملف، يضاف إليه مسألة الاتفاق النفطي الليبي، الذي أنهى مسألة إستحواذها على الطاقة بطرق غير قانونية وشرعية.
من هنا، إن تركيا رغم إثباتها لذكائها السياسي ولعبها على أكثر من جبهة والمناورة السياسية القوية مع اللاعبين الكبار، لكن إرتكاب الخطأ الواحد قد ينسف كل النجاحات السابقة، فإن لم تتعظ تركيا وتحاول تصحيح أخطائها، فستكون قد إرتكبت حماقة سياسية سيكون ثمنها مرتفعاً والتكلفة باهظة، وهي التي كانت تبحث عن نصر إقتصادي يسجل لها داخلياً، لكن السحر فيما يبدو إنقلب على الساحر.
فريق عمل “رياليست”.