لم يعد خفياً اليوم على أحد بان تركيا كانت ومازالت رأس الحربة في زعزعة إستقرار الشرق الاوسط وشمال افريقيا وصولاً الى زعزعة الاستقرار في الاتحاد الاوربي عبر الاستثمار في الارهاب الذي دعمته دول الاتحاد الاوربي وخططت له الولايات المتحدة الامريكية بأموال قطر النفطية , حيث تقاسمت تلك الدول الادوار فيما يبنها , من تأمين الارهابين على اساس الايديولوجيات المختلفة وتحديداً وبكل اسف ايديولوجيات الاسلام السياسي المتطرف بمختلف اشكاله وتفرعاته مروراً بتأمين مختلف انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة والتي أخذت ايضاً الدولة الخليجية النفطية على عاتقها دفع الاثمان الباهظة لهذه الأسلحة في الوقت التي أخذت على عاتقها الدول الغربية عملية تسهيل نقل وزج هذه الاسلحة الى مختلف ساحات الصراع في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا اضافة الى ذلك فان تلك الدول سمحت لنفسها بزج اّلياتها الاستخباراتية و الدبلوماسية و الاعلامية وعلى مختلف المستويات خدمة لمشاريعها التي تلاقت في نهاية المطاف مع مشاريع باقي الدول التي انضمت الى بعضها البعض , ولكن ما نجده اليوم وبعد فشل المخططات التي رصدت لها مليارات الدولارات ومئات الاّلاف من الارهابيين من مختلف اصقاع الارض ووضعت في خدمتها اّخر ما توصلت اليه العلوم العسكرية في الارض والجو والبحر والفضاء , لنجد بان الانسحاب من ذلك المخطط والذي حكم عليه بالموت والفشل بدأ وبشكل تدريجي وليس بالشكل الذي تتمناه شعوب المنطقة بشكل خاص وشعوب العالم بشكل عام .
والفشل الذريع لتلك المخططات بدأ وسينتهي ويندثر على الأراضي السورية وخاصة بعد الانتصارات الكبيرة على الارهاب وتقليص المساحات التي كانت تحت سيطرته وهروب العدد الكبير منهم وعودتهم الى بلدانهم بشكل سري او قتلهم بنيران الجيش السوري وحلفائه وأصدقائه رغم كل المزايدات والمنغصات وكذلك الخسائر التي تكبدتها سورية سواء كانت بشرية ام مادية وسرقة خيراتها ومقدراتها التي لم تتوقف من اليوم الاول للإعلان الحرب على سورية والى يومنا هذا , فمازالت الدول الاوربية على سبيل تنادي بالدفاع عن حقوق الانسان والذي تقصد به حقوق الارهابيين والولايات المتحدة مازالت تدعو الى نشر الديموقراطية والتي يقصد بها المزيد من الخراب والدمار واراقة الدماء البريئة وفي نفس الوقت نجد ان دول العباءات الخليجية مازالت تتقمص دور المدافع عن الاسلام والمسلمين في الوقت الذي وظفت جميع طاقاتها وامكانياتها وايديولوجياتها المختلفة لقتل المزيد من الابرياء والمسلمين الذين ادعوا انهم يدافعون عنهم لنصل في نهاية المطاف الى مربط فرس الارهاب والمتمثل بشخصية رئيس حزب العدالة والتنمية التركي ” الاخوان المسلمون ” والذي كان قاب قوسين او ادنى من تنصيب نفسه سلطاناً على الاسلام والمسلمين يدافع عن حقوقهم ويعمل لمناصرتهم وكأن الله اختاره ليكون المدافع الوحيد عن الانسان والانسانية ونصرة المسلمين في مختلف اصقاع الارض وصولاً الى احلام يقظته بإعادة احياء ما يسمى بالإمبراطورية العثمانية على غرار اسلافه واجداده.
من هنا بدأ كل طرف من اطراف المؤامرة العمل وبشكل سريع للخروج من المأزق الذي تبين لهم في نهاية المطاف ان لا وأفق له بالنجاح على الاطلاق وان مسألة اعلان الخسارة وتوقف هذا المشروع هي مسألة وقت لا اكثر لضمان الخروج الاّمن لكل طرف فيه دون تحمل اية مسؤولية مستقبلية مادية كانت او معنوية , باستثناء فقاعة القرن الحادي والعشرين ” أردوغان ” الذي يبدو وبان الجميع قد اتفق عليه لتحميله كل اسباب الفشل لا بل وكل النتائج , فبعد ان كانت الولايات المتحدة الامريكية تقدم له الدعم وبمختلف انواعه نجدها اليوم على اقل تقدير تختلف في تسمية ما يحصل في سورية هو صراع اقليمي ودولي وليس حرباً اهلية لتنسف بذلك على سبيل المثال ذرائع فقاعة القرن الحادي والعشرين بانه يدافع عن الانسانية وعن السكان المدنيين الذين تقتلهم الة الجيش العربي السوري وأصدقائه وحلفائه , وكذلك دول الاتحاد الاوربي ” باستثناء بريطانيا الخارجة حديثاً من الاتحاد الاوربي ” فهي ترى في تصرفات سلطان تركيا الجديد غير مبررة وهو داعم مباشر لزعزعة الامن والاستقرار على اراضي الاتحاد الاوربي ومهدداً مباشراً لأمنه القومي سواء كان ذلك عبر موجات النزوح باتجاه أوروبا التي لعب فيه النظام التركي دوراً مباشراً وسهل عبور مئات الالاف من اللاجئين والنازحين باتجاه اراضي الاتحاد الاوربي ولم ينسى ان يزج بينهم عناصر ارهابية كونت خلايا ارهابية نائمة على مختلف اراضي دول الاتحاد الاوربي لتعمل بإمرته وعند الطلب بممارسة ارهابها ضد شعوب الاتحاد الاوربي , وابتزازه المادي المباشر لدول الاتحاد كتعويض عن احتضانه للنازحين واللاجئين وعدم السماح لهم بالتوجه من جديد الى اراضي الاتحاد الاوربي , وكلما شعر فقاعة القرن العشرين بفقدان ورقة من اوراقه الاستثمارية في الارهاب كلما ازداد صوته بالعلو وازدادت مطالبه وظهر لديه كشف جديد من المستحقات سواء كانت المادية او المعنوية والتي تتمثل هنا بالضغط على دول الاتحاد الاوربي للقبول بتركيا عضواً في الاتحاد الاوربي .
وبعد ان بدأ الجيش السوري وأصدقائه وحلفائه متابعة طريقهم في تحرير ما تبقى من الاراضي التي سيطرت عليها العصابات الارهابية وخاصة مدينة ادلب وريف ها وريف حلب , أخذ الرئيس التركي يشعر بان الحبل يضيق حول رقبته وانه ان فقد مدينة ادلب فهو سيفقد اّخر ورقة بيده تمكنه من اللعب وفرض سياساته وطلباته على الجميع وبدون استثناء وان خسارة ادلب تحديداً تعني بداية مشاكل تركيا الداخلية وربما بالفعل ستكون حرباً اهلية تركية تؤدي ربما في نهاية المطاف الى تقسيم تركيا وخاصة بعد ان فقد الجيش التركي ميزاته في السيطرة على الاوضاع السياسية في البلاد وضامناً حقيقياً لوحدة البلاد وعلمانيتها لأنه اصبح وبحماقات قائده الاعلى جيشاً لحزب العدالة والتنمية بعد زج العشرات من الجنرالات وعشرات الالاف من ضباطه وعناصره في سجون حزب العدالة والتنمية , اضافة الى الموضوع الكردي والذي كان غائباً وبفعل فاعل خارجي عن لعب اي دور داخلي خلال فترة الاعوام الثمانية الماضية على اقل تقدير .
ويبدو بان رئيس النظام التركي لم يعد يأبه لأية اتفاقيات مع ايران او روسيا بخصوص تطبيق مخرجات استانا او اتفاقية سوتشي المتعلقة بإدلب والتي مر عليها اكثر من 19 شهراً دون اي انجاز للتعهدات التي أخذها الجانب التركي على عاتقه سواء كان ذلك عن قصد او عن عدم امكانية تحقيق تلك التعهدات , فأخذ الجيش السوري وحلفائه وأصدقائه بالعمل على تنفيذ تلك التعهدات وخاصة فيما يتعلق بفتح الطرق الدولية ام 4 وام 5 وانهاء تواجد ارهابيي النصرة وحلفائها وتفرعاتها من الاراضي السورية , وهنا لابد لنا من الاشارة بان فقاعة القرن الحادي والعشرين كان يحاول وبشكل حثيث دمج عناصر جبهة النصرة الارهابية بمختلف مسامياتها الى ما يسمى بالجيش السوري الحر او الوطني او اية تسمية اخرى يختارها حزب العدالة والتنمية وتقديمها لجميع الاطراف على انها المعارضة السورية المعتدلة المسلحة والتي وبعكس جميع القوانين والشرائع الدولية لا يمكن اعتبارها سوى مجموعات ارهابية ويجب مكافحتها والقضاء عليها وخاصة وانها تملك كل انواع الاسلحة من خفيفة ومتوسطة وثقيلة والتي وبحسب القوانين الدولية يجب ان تكون بحوزة الدولة الشرعية فقط .
وبعد التقدم السريع للجيش العربي السوري وحلفائه وأصدقائه وفشل جيش حزب العدالة والتنمية التركي على الرغم من تدخله المباشر في التصدي لهذا التقدم وتزويد الارهابيين بأسلحة اكثر تطوراً كالصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للطيران والدروع زج المزيد من الدبابات التركية والمدرعات وحاملات الجنود ووضعها بشكل كامل لتغطية تقدم الارهابيين اضافة الى اقامة نقاط مراقبة عسكرية تركية في مختلف المناطق التي يدخلها او سيدخلها الجيش العربي السوري وحلفائه وأصدقائه تحت ذريعة تطبيق اتفاقية سوتشي , لنجد ان صراخ اردوغان بدأ يصل السماء لإنقاذ ما يسميهم بالمدنيين ” الارهابيين ” فإما بالمحافظة على حياتهم وابقائهم ضمن المناطق التي يسيطرون عليها وتحت حماية مباشرة من جيش حزب العدالة والتنمية التركي عبر ما يسمى بنقاط المراقبة التركية واما محاولة نقلهم الى مناطق أخرى وتحديداً الى ليبيا لنصرة اخيه في جماعة الاخوان المسلمين حكومة ما يسمى بالوفاق الوطني بقيادة فايز السراج واما محاولة دمجهم فيما يسمى بالجيش الوطني السوري وبالتالي توطينهم على الاراضي السوري وتحصينهم والدفاع عنهم وخاصة الارهابيين الاجانب منهم .
من هنا دعا رئيس النظام التركي الى اجتماع الرباعية ” روسيا , تركيا , فرنسا والمانيا ” للاجتماع في الخامس من شهر اّذار القادم في تركيا للبت وللبحث في مستقبل مدينة ادلب والتي يمكن القول بان رئيس النظام التركي سيجلس الى البازار السياسي التركي لضمان ما يمكن القول عنه ليس فقط مستقبل الارهابيين الاجانب في ادلب ولكن مستقبله السياسي بالدرجة الاولى ومستقبل تركيا بالدرجة الثانية , والملاحظ هنا بان رئيس حزب العدالة والتنمية التركي لم يدع الولايات المتحدة الامريكية الى هذا الاجتماع ولم يدع ايضاً بريطانيا ولكل منهما دوراً بارزاً ومهماً في انتشار الارهاب على الاراضي السورية ومصلحة هامة للغاية في الحفاظ على حياة الارهابيين الاجانب وتوطينهم في ادلب وليس القضاء عليهم .
فهل سينجح صوت النشاز القادم من الشمال في تحقيق اهدافه واحلامه ليبقى وصياً على ادلب وريفها ام انه سيحاول الحصول على حوافز اكثر اهمية من الابقاء على ورقة جبهة النصرة كورقة ابتزاز رابحة له ومن كل الاطراف المجتمعة , وهل سيقبل رئيس النظام التركي بنقلهم اضافة الى عناصر داعش المتواجدين في سجون قسد الى منطقة أخرى خارج سورية وتحديداً ليبيا لاستخدامهم والاستثمار بهم في زعزعة الامن والاستقرار في ليبيا وباتجاه العمق الافريقي , وهذا الامر لن تقبل به روسيا او المانيا وكذلك فرنسا , ام اننا سنرى بان البازار التركي لن ينجح باي من اهدافه وان البازار السياسي سيكون اما ان نقضي على الارهاب والارهابيين في سورية ونضع قواعد جديدة للسياسة الدولية قائمة على انتهاء الاستثمار في الارهاب كوسيلة في تحقيق الاهداف السياسية والاقتصادية ولغة دبلوماسية جديدة واما ان ينتهي هذا البازار بالقضاء على حكم حزب العدالة والتنمية وتخليص تركيا بالدرجة الاولى ودول المنطقة والعالم من هذه الفقاعة التي يبدو ان خطرها سيكون اكبر بكثير من مرض فيروس الكورونا الذي اخذ بالانتشار في مختلف انحاء العالم مع عدم التنبؤ بعواقبه وخسائره ….. بانتظار بازار اردوغان …. في اّذار
خاص وكالة “رياليست” – الدكتور فائز حوالة – موسكو