موسكو – (رياليست عربي): يمكن للمهتمين بالحروب الهجينة المعلوماتية كتابة أكثر من رسالة دكتوراه حول الأحداث الجارية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وفي تخصصات مختلفة، بما في ذلك القانون الدولي والجنائي.
لقد أخرجت الولايات المتحدة سلاحها الأقوى (إرهاب المعلومات)، وأصبح هذا هو أساس النهج الأمريكي الحديث، الذي يستبعد الدبلوماسية والفطرة السليمة وحتى قيمة الحياة البشرية.
الحرب المزعومة لم تحدث أبداً، لكن الآن العالم كله، حتى أولئك الذين لا يريدون الاستماع إلى الولايات المتحدة، يدركون بالفعل أنه حتى الدخول في تحالف مع أمريكا هو أمر خطير للغاية، إذ أنه وبعد كل تلك الأحداث، يتبين أن الولايات المتحدة بشكل كامل هي دولة معتدية، دولة قرصنة تختبئ وراء المبادئ الديمقراطية وتنشر الفوضى والموت والدمار.
لقد صمدت روسيا أمنياً باتباعها المبادئ الثابتة في مواجهة الأزمة، وبحسب وزارة الدفاع، أكملت قوات المقاطعات الجنوبية والغربية مهامها، وعادت إلى ثكناتها، وعلى خلفية ذلك، صوّت مجلس الدوما لصالح مشروع قرار بشأن الاعتراف بـ لوهانسك ودونيتسك (شرق أوكرانيا)، اللذين لا يزال شعبهما هناك يعانون من بطش الجيش الأوكراني على أراضيهم، بمن فيهم المواطنين الروس، والذي يقدّر عددهم بمئات الآلاف، بالتالي، الاتحاد الروسي ملزم بحمايتهم زهو سيفعل كل شيء لهذه الغاية.
بالتوازي، رفضت كييف و”المعسكر الغربي” بشكل أساسي تنفيذ اتفاقيات مينسك، وهذا الأمر هو مصدر تهديد حقيقي لأوكرانيا، وهو المتنفس الوحيد لها لتنعم بالسلام، أوكرانيا (التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام)، بعد أن انتقلت إلى المعسكر الغربي، تدهورت، وانهارت ولم تتطور، بل تستمر في التداعي وتفقد يوماً بعد يوم أجزاء من أراضيها، كالقرم وشرق البلاد، حتى أنه من المستحيل اليوم أن يعودوا إليها، وكل ذلك بسبب الانصياع الأعمى للغرب، إلى جانب عواقب الميدان المدعوم من الغرب بفكرته عن المسار نحو الحرية والديمقراطية في حال انضمامها للناتو، حيث تعلق ساسة أوكرانيا في هذا المسار لمصالحهم الشخصية، بينما السذّج صدقوا حلم الديمقراطية الأمريكية لبناء حياة أفضل.
هذا الوضع هو مثال قوي لبلدان أخرى في جميع أنحاء العالم، إنه يظهر ثمن صداقة النخب الوطنية مع واشنطن، التي من أجل مصلحتها أخضعت أوكرانيا بأسرها وشعبها لها.
لكن ستبقى روسيا وفية لمبادئها الأمنية وأولوية المصالح الوطنية، غير آبهة بضجيج تصريحات الغرب، وأياً كان ما يقوله الغرب الآن للمجتمع الدولي بشأن الوضع في أوكرانيا، هو كذبة ومعلومات مضللة، وروسيا ماضية في نهجها دون اكتراث لكل هذا الضجيج والإرهاب الإعلامي.
خاص وكالة رياليست – أناتولي نيكيفوروف – محلل سياسي روسي.