الخبيرة يلينا فيدوتا: “إن المعجزة الاقتصادية في بكين قد إنتهت”، إذ تشهد الصين أول انكماش اقتصادي خانق منذ الأزمة المالية التي مرت عليها في العام 2008 حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية في البلاد بشكل ملحوظ، وانخفض معدل النمو في البلاد إلى النصف، من هنا تتوقع الخبيرة إيلينا فيدوتا أن هذا الانخفاض سوف يستمر في السنوات القادمة، يترافق مع ذلك تحذير رئيس الوزراء الصيني الأسبق ون جيا باوفي مارس/ آذار 2007 عندما قال:
“إن النمو الاقتصادي الصيني هو طفرة ولا يمكن أن يستمر وذلك بسبب عدم توازنه وتناسقه”، بالفعل إذا ما نظرنا للاقتصاد الصيني سوف نجد انخفاضا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الرسمي للصين من 15 إلى 6٪ وهو أدنى معدل منذ 30عاماً.
تراجع إقتصادي
يشهد الإقتصاد الصيني نموا بطيئا منذ عهد الرئيس الصيني الأسبق ماو تسي تونغ، يضاف إلى ذلك كمية الديون والحظر على البضائع الأجنبية، خصوصا الأمريكية.
حول ذلك تقول الخبيرة فيدوتا: “يجب الملاحظة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة الثروة. حيث أن أغلب مشروعات الصين تتكون من جسور، فإن ثروة البلاد ستظل دون تغيير أو حتى تنخفض، تحتاج البلاد إلى زيادة إنتاجيتها وهو مؤشر انخفض فعليا في الصين على مدار العقد الماضي. فلقد قامت الصين ببناء أكثر من 50 مدينة كبيرة، تضم مكاتب وشقق ومراكز تسوق ومطارات، لكن أكثر من 20% من المنازل خالية.
تتجاوز الطاقة الإنتاجية المفرطة في الصناعات الرئيسية ما يقدّر بـ 30٪، والمصانع غير عاملة، كما أن البضائع تتعفن في المستودعات. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، زاد الدين الصيني بالقيمة المطلقة 4 مرات، ويتجاوز حاليا 300 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
تخسر الصين الآن سوق التكنولوجيا، بالإضافة إلى ذلك أنها تعاني من قلة المياه، كما وتستورد الصين أكبر كمية ممكنة من الغذاء مقارنة مع دول أخرى، وأيضا مسألة إتباع الحكومة الصينية لسياسة الطفل الواحد أدت إلى حدوث أزمة سكانية، حيث أن الشعب الصيني يعاني من قلة الشباب وارتفاع نسبة المسنين.
كيف ستتعامل الصين مع الأزمة القادمة؟
ترى الخبيرة فيدوتا، أن خوف الحكومة الصينية من الثورة سيقودها إلى إتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضة الداخلية، مما سوف يؤدي مستقبلاً إلى اتجاه الصين نحو الاستبداد، إذ أن هناك العديد من الأمثلة، حول تحول العديد من الحكومات إلى حكومات مستبدة بسبب الأزمة الاقتصادية، والذهاب للإستيلاء على الموارد وتدمير المنافسين الأجانب.
من هنا، تهدد السياسة الحمائية الاقتصادية التي تتبعها الصين إضافة إلى الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، الحد من وصول الصين إلى الأسواق الأجنبية. وتضيف الخبيرة، أنه في هذه الحالة عادة ما تلجأ الحكومات مثل الصين إلى توسيع التجارة، باستخدام المال لإنشاء مناطق اقتصادية حصرية في الخارج وتحويل الغضب الشعبي ضد الأعداء الأجانب.
سخط شعبي
في سياق متصل، تتزايد الاحتجاجات ضد الحكومة الصينية، وتأخذ النخب أموالها وعائلتها خارج البلاد، وقد حظرت الحكومة الصينية الإعلام عن عرض أي أخبار تتعلق بالأزمة الاقتصادية، فإذا ما إستمر نمو الصين في التباطؤ في السنوات القادمة، سوف يضاعف ذلك من قمع الحكومة وعدوانها، إذ أن الصين أضعف من أن تشعر بالأمان أو الرضا عن مكانتها في العالم، لكنها قوية بما يكفي لتدميره.
أخيرا، في الوقت الذي تقترب فيه المعجزة الاقتصادية في الصين من نهايتها “الحلم الصيني” الذي صرح عنه الرئيس الصيني شي جين بينج، يتعين على الولايات المتحدة كبح الصين بمزيج حذر من الثقة والحد من الضرر كي لا تؤدي الأمور إلى نتائج كارثية لا يحمد عقباها.
يلينا فيدوتا – رئيسة قسم التخطيط الاستراتيجي والسياسة الاقتصادية، كلية الإدارة العامة ، جامعة موسكو الحكومية لومونوسوفا ، دكتوراه في علم الاقتصاد ، خاص لوكالة أنباء “رياليست”