أعلنت بريطانيا فرض عقوبات جديدة على ستة حلفاء للرئيس السوري بشار الأسد بينهم وزير الخارجية ومستشارون مقربون، وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب “يبطش نظام الأسد بالشعب السوري منذ عقد لأنه تجرأ على المطالبة بالإصلاح السلمي”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وتشمل قائمة العقوبات وزير الخارجية فيصل المقداد، ولونا الشبل المستشارة الإعلامية للرئيس الأسد والممول ياسر إبراهيم ورجل الأعمال محمد براء قاطرجي وقائد الحرس الجمهوري مالك عليا والرائد بالجيش زيد صلاح.
استمرار الأزمة
إن إدراج شخصيات سورية مدرجة أساساً على لائحة العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة الأمريكية ليس بالأمر الجديد، ومن المعروف أن الشخصيات العسكرية عموماً من غير المسموح لها السفر خارج القطر دون موافقة أمنية من أعلى السلطات، إضافة إلى أنه ومنذ عشر سنوات لم يغادر أي مسؤول سوري إلى أي دولة أجنبية باستثناء الدول الحليفة لسوريا، وأما أن تدرج بريطانيا هؤلاء الشخصيات هؤلاء الشخصيات على لائحة العقوبات هو أمر أقرب للإدراج الشكلي منه للإدراج الذي قد يضر بمصالحهم الشخصية وحتى مناصبهم الحالية، لكن يأتي هذا الأمر كمقدمة على استمرار اتحاد الموقف البريطاني – الأوروبي – الأمريكي، ضد سوريا، من خلال تشديد القبضة الاقتصادية عليها.
هذا الأمر لا تنكره سوريا، حيث تأثرت كثيراً بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية عليها، اليوم يدور الحديث عن الحل السياسي، لكن ما دامت الاتهامات مستمرة حيال الدولة السورية الشرعية، لا يمكن لهذا الحل أن يبصر النور، إذ أن العقوبات وصلت حداً غير مسبوق قد يجهز على من تبقى من الشعب السوري، وبالتالي، هذه السياسة ليس المستهدف منها سوريا فقط، بل روسيا وإيران معها، اليوم وفد رسمي من المقاومة اللبنانية – حزب الله يزور موسكو لبحث الملفين السوري واللبناني، فلا غرابة أن نجد أعضاء الوفد في الغد مدرجين على لائحة العقوبات الغربية، علماً أنهم مدرجين في الأساس، إضافة إلى مسؤولين روس أيضاً.
الغاية والهدف
كما أشرنا أعلاه، بالنسبة لسوريا لا تقدم أو تؤخر تلك العقوبات على المسؤولين السوريين بشيء، لكنها تؤثر بشكل مباشر على رجال الأعمال، وتضييق الخناق عليهم خاصة في عمليات الاستيراد والتصدير في قطاعات مختلفة، إذ تهدف هذه العقوبات الضغط على دمشق بأشد الطرق الممكنة للحصول على تنازلات سياسية معينة، لكن الحقيقة أنه وبعد مضي عشر سنوات هذا الأمر لن يتحقق، ولو أريد له التحقق لكانت الدولة السورية قد قدمت تنازلات منذ الأعوام الأولى لوقف الحرب الدائرة.
وهنا يكمن الهدف وهو استنزاف الدولة السوري واستنزاف جيشها بغية ضمان أمن إسرائيل، لكن يجب التذكير أن دمشق كانت منفتحة على الحل السياسي والتسويات التي تحقن الدماء في إطار ضمان الحقوق، بعكس الإرادة الغربية، وفي هذا السياق صرح المبعوث الأممي غير بيدرسون بالقول: (أعرب عن أسف الأمم المتحدة الشديد لأننا لم نتمكن حتى الآن من التوسط لوضع نهاية للصراع المأساوي، ستدخل المأساة السورية التاريخ الحديث باعتبارها واحدة من أحلك فصوله.. الشعب السوري من بين أكبر ضحايا هذا القرن، والذي وصل إلى طريق مسدود بوقوف روسيا حليفة الأسد والصين في صف والقوى الغربية في صف آخر ، أصيبوا بجروح وشُوهو وقُتلوا بكل طريقة يمكن أن يتخيلها العقل، حتى جثثهم تعرضت للتدنيس… تحملوا فظائع الأسلحة الكيماوية التي تعجز الكلمات عن وصفها)، هذا التصريح يخالف ما كان يتحدث به بيدرسون عند زياراته لدمشق وموسكو، لكن مع اقتراب نهاية ولايته، أعلن عن موقف المؤسسة الحقيقي التي ينتمي إليها، وبالتالي، هذا الأمر يؤكد أن سوريا كانت محقة في رفضها تقديم أية تنازلات لا تخدم سوريا أولاً.
من هنا، لو أراد المجتمع الدولي حقاً إيجاد حل سلمي وإنقاذ سوريا مما هي فيه، سيكون عبر البدء برفع العقوبات أحادية الجانب على سوريا وخروج القوى الأجنبية منها، لكن حالياً لا توجد إرادة حقيقية لتنفيذ ذلك، وبالتالي، مسلسل الأزمة السورية مستمر، لكن يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن انفراجات اقتصادية من خلال اقتراب موعد افتتاح خط ميناء بوشهر الإيراني الواصل إلى ميناء اللاذقية، إلى جانب معلومات تتحدث عن اتفاقيات إيرانية – روسية لأكثر من عشرين عاماً، وبطبيعة الحال لم يتم الإفصاح عن التفاصيل، لكن هذا من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي السوري كون دمشق حليفة الطرفين، وبالتالي تبقى العقوبات الغربية أداة ضغط لن تحدث فرقاً على الواقع الاقتصادي السوري.
فريق عمل “رياليست”.