باريس – (رياليست عربي): قالت كريستين لاغارد، المدير العام للبنك المركزي الأوروبي خلال حديثها عن السياسات المالية المنتظر اتباعها خلال الأشهر القادمة من العام الجاري 2022، وفي ظل الحرب الروسية – الأوكرانية، والظروف والأوضاع العالمية، ما يلي:
الحرب في أوكرانيا تجعل المستقبل القريب غامضاً للغاية، والغزو الروسي لأوكرانيا يجعل الطاقة أكثر تكلفة ويعطل التجارة البينية والدولية ويزيد من عدم ثقة الناسـ وسيكون النمو الاقتصادي أبطأ مما كان متوقعاً قبل اندلاع الحرب، لذا، يجب أن يستمر الاقتصاد في النمو بقوة في عام 2022، فكثير من الناس لديهم وظائف ويجب على الأسر أن تكسب دخلاً أعلى وتنفق أكثر، حيث تم رفع القيود المتعلقة بالوباء كورونا.
وأضافت، سيظل التضخم مرتفعاً في الوقت الحالي والمستقبل القريب، لكنه سينخفض مرة أخرى في النهاية، حيث ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير بسبب الحرب، أيضاً، أسعار المواد الغذائية والعديد من السلع والمواد الخام، ومستلزمات الإنتاج الأولية، والخدمات الأخرى آخذة في الارتفاع، على الرغم من عدم وجود عدد كافٍ من العمال في كافة الأنشطة من القطاعات المختلفة، كما أن الأجور لا تنمو بشكل أسرع بعد.
سياسة خفض الإنفاق والصرف تدريجياً للمشتريات الصافية من الأصول
أوضحت المؤشرات والبيانات في الربع الثالث لعام 2022 أن توقعات التضخم لن تضعف، بل لن تأتي بأي تغيير في أسعار الفائدة إلا بعد مرور بعض الوقت على انتهاء المشتريات الصافية للأصول وأن يكون تدريجياً.
الغزو الروسي لأوكرانيا.. نقطة تحول بالنسبة لأوروبا
أعرب البنك المركزي الأوروبي عن دعمه الكامل لشعب أوكرانيا، وسيضمن ظروف سيولة سلسة وتنفيذ العقوبات التي قررها الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية، كما سيتخذ ما يلزم من إجراءات للوفاء بتفويضه لمتابعة استقرار الأسعار وحماية الاستقرار المالي.
برنامج شراء الأصول (APP)
بناءً على تقييمه الأخير، وفي ضوء ومراعاة البيئة غير المؤكدة، قام البنك اليوم بمراجعة جدول الشراء الخاص بتطبيق APP للأشهر القادمة، حيث سيصل صافي المشتريات الشهرية بموجب التطبيق إلى 40 مليار يورو في أبريل/ نيسان المقبل، و30 مليار يورو في مايو/ أيار القادم و20 مليار يورو في يونيو/ حزيران القادم، وستعتمد معايرة صافي المشتريات للربع الثالث على البيانات وتعكس تقييمها المتطور للتوقعات، إذا كانت البيانات الواردة تدعم التوقع بأن توقعات التضخم على المدى المتوسط لن تنخفض حتى بعد انتهاء مشتريات صافي الأصول، فسيقوم البنك بإتمام عمليات الشراء الصافية في إطار APP في الربع الثالث.
أما إذا تغيرت توقعات التضخم على المدى المتوسط وإذا أصبحت شروط التمويل غير متوافقة مع المزيد من التقدم نحو هدف 2٪، فإن البنك على استعداد لمراجعة جدوله الزمني لصافي مشتريات الأصول من حيث الحجم أو المدة.
ويعتزم البنك أيضاً مواصلة إعادة الاستثمار، بالكامل، للمدفوعات الرئيسية من الأوراق المالية المستحقة التي تم شراؤها بموجب APP لفترة ممتدة من الوقت بعد التاريخ الذي يبدأ فيه رفع أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي، وعلى أي حال، طالما ضرورية للحفاظ على ظروف سيولة مواتية ودرجة عالية من السيولة النقدي.
أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي
سيظل سعر الفائدة على عمليات إعادة التمويل الرئيسية وأسعار الفائدة على تسهيل الإقراض الهامشي وتسهيلات الودائع دون تغيير عند 0.00٪ و0.25٪ و -0.50٪ على التوالي، وأي تعديلات على أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي ستحدث بعد مرور بعض الوقت على انتهاء صافي مشتريات البنك بموجب التطبيق وستكون تدريجية، وسيستمر تحديد مسار أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي من خلال التوجيهات المستقبلية للبنك والتزامه الاستراتيجي بتثبيت التضخم عند 2٪ على المدى المتوسط.
ووفقاً لذلك، يتوقع البنك الأوروبي أن تظل أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي عند مستوياتها الحالية حتى يرى التضخم يصل إلى 2٪ قبل نهاية أفق الإسقاط الخاص به وبشكل دائم لبقية أفق التوقع، ويقرر أن التقدم المُحرز يعتبر التضخم الأساسي متقدماً بدرجة كافية ليكون متسقاً مع استقرار التضخم عند 2٪ على المدى المتوسط.
برنامج شراء الطوارئ الوبائية (PEPP)
في الربع الأول من عام 2022، يجري البنك عمليات شراء الأصول الصافية في إطار خطة حماية البيئة العامة بوتيرة أقل مما كانت عليه في الربع السابق، وستوقف مشتريات الأصول الصافية بموجب خطة حماية البيئة في نهاية مارس/ آذار 2022، كما يعتزم البنك إعادة استثمار المدفوعات الرئيسية من الأوراق المالية المستحقة التي تم شراؤها بموجب PEPP حتى نهاية عام 2024 على الأقل، وفي أي حال، ستتم إدارة التدوير المستقبلي لمحفظة PEPP لتجنب التدخل في موقف السياسة النقدية المناسب.
وقد أظهرت جائحة كورونا أنه في ظل الظروف الصعبة، ساعدت المرونة في تصميم وتنفيذ عمليات شراء الأصول على مواجهة ضعف انتقال السياسة النقدية وجعل جهود البنك لتحقيق أهداف أكثر فعالية، في إطار ولاية مجلس إدارةالبنك، وفي ظل ظروف مشددة، ستظل المرونة عنصراً من عناصر السياسة النقدية عندما تهدد التهديدات التي يتعرض لها انتقال السياسة النقدية تحقيق استقرار الأسعار، على وجه الخصوص، في حالة تجدد تجزئة السوق المرتبطة بالوباء، يمكن تعديل إعادة استثمار PEPP بمرونة عبر الوقت وفئات الأصول والسلطات القضائية في أي وقت، ويمكن أن يشمل ذلك شراء السندات الصادرة عن الجمهورية اليونانية بالإضافة إلى تجديدات عمليات الاسترداد من أجل تجنب انقطاع المشتريات في تلك الولاية القضائية، مما قد يضعف انتقال السياسة النقدية إلى الاقتصاد اليوناني بينما لا يزال يتعافى من التداعيات من جائحة، ويمكن أيضاً تقليص صافي المشتريات بموجب خطة حماية البيئة، إذا لزم الأمر، لمواجهة الصدمات السلبية المتعلقة بالوباء.
عمليات إعادة التمويل
سيواصل مجلس الإدارة البنك مراقبة شروط التمويل المصرفي والتأكد من أن استحقاق العمليات في إطار السلسلة الثالثة من عمليات إعادة التمويل طويلة الأجل المستهدفة (TLTRO III) لا يعيق الانتقال السلس لسياسته النقدية، كما سيقيم مجلس المحافظين بانتظام كيفية مساهمة عمليات الإقراض المستهدفة في موقف سياسته النقدية، كما أعلن، تتوقع أن تنتهي الشروط الخاصة المطبقة بموجب TLTRO III في يونيو/ حزيران القادم من هذا العام، سيقوم مجلس الإدارة أيضاً بتقييم المعايرة المناسبة لنظامه ذي المستويين للمكافأة الاحتياطية بحيث لا تحد سياسة أسعار الفائدة السلبية من قدرة البنوك على الوساطة في بيئة ذات سيولة زائدة وفيرة.
خطوط السيولة مع البنوك المركزية خارج منطقة اليورو
في ضوء البيئة شديدة الغموض الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا وخطر التداعيات الإقليمية التي يمكن أن تؤثر سلباً على الأسواق المالية في منطقة اليورو، قرر مجلس الإدارة تمديد مرفق إعادة الشراء Eurosystem للبنوك المركزية (EUREP) حتى 15 يناير/ كانون الثاني 2023، وبالتالي، سيستمر EUREP في استكمال الترتيبات العادية لتوفير السيولة باليورو للبنوك المركزية خارج منطقة اليورو، وتشكل هذه معًا مجموعة شاملة من التسهيلات الداعمة لتلبية احتياجات السيولة باليورو المحتملة في حالة حدوث اختلالات في السوق خارج منطقة اليورو والتي يمكن أن تؤثر سلباً على الانتقال السلس للسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي.
كما سيتم تقييم الطلبات الواردة من البنوك المركزية خارج منطقة اليورو لخطوط السيولة الفردية باليورو من قبل مجلس المحافظين على أساس كل حالة على حدة، كما أن مجلس الإدارة على استعداد لتعديل جميع أدواته، حسب الاقتضاء، لضمان استقرار التضخم عند هدفه البالغ 2٪ على المدى المتوسط.
النتائج والتعليق
بسبب اندلاع الحرب في أوكرانيا، فالبيانات والمؤشرات المالية والاقتصادية تتوقع:
أولاً، ارتفاع نسبة التضخم في منطقة اليورو، والعالم، الأمر الثاني، تباطؤ وانخفاض معدلات النمو العالمي بشكل كبير عما كان متوقع، وثالثاً، انخفاض حجم التجارة البينية والعالمية، الأمر الرابع، فقد كثير من العمال والموظفين لأعمالهم بسبب الانكماش والكساد الذي سوف تتعرض له معظم دول العالم، والمحظوظين منهم سوف تنخفض أجورهم، مما سوف يؤثر على حجم الانفاق والاستهلاك وبالتالي الادخار والاستثمار سواء الوطني أو الأجنبي.
التوقع الخامس، يتحدث عن ارتفاع إسعار المحاصيل الزراعية والحبوب والمواد الغذائية، والمواد الخام والأولية ومستلزمات الإنتاج، والخدمات، مما يزيد من معاناة الفقراء ومحدودي الدخل، الأمر السادس والأخير، الحفاظ على معدل فوائد بنكية منخفض للغاية لا يتعدى ٢٥٪.
ماهو المطلوب في ظل تلك المؤشرات السلبية؟
أولاً، على مستوى الدولة:
- خفض وترشيد الإنفاق الحكومي بشكل كبير، وقصره على الضروريات.
- الاعتماد كلياً على المنتجات والبدائل محلية الصنع، لتقليل الاستيراد من العالم الخارجي.
- إعادة رسم الخطط والسياسات بما يلبي احتياجات السوق والطلب المحلي خاصة للحبوب والمنتجات الغذائية.
- تقديم الحوافز والدعم لأصحاب الأعمال، للمحافظة على العمالة والوظائف لديهم في المديين القريب والمتوسط.
- خفض نسب الضرائب المباشرة وغير المباشرة لتخفيف الأعباء عن كاهل محدودي الدخل والفقرا، وخاصة السيدات وأصحاب الاحتياجات الخاصة، والطلاب، وعمال اليومية، وصغار الموظفين.
- أحكام الرقابة على الأسعار، واتباع سياسة مركزية شديدة الرقابة، والاستغناء الفوري “المؤقت” عن سياسات السوق، لعدم توافقها مع الأوضاع والظروف المالية والاقتصادية الحالية.
ثانياً، على مستوى الفرد والمواطن:
- على الأفراد ضرورة العمل على تغيير نمط سلوكه واستهلاكه من مأكل وملبس، بما يتناسب مع مستوى دخله الحقيقي، والتقليل أو الاستغناء تماماً عن كافة ما هو غير ضروري، على الأقل في المدى القصير، وإلى أن تتحسن الظروف.
- الاستفادة من شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي بالتعلم للقيام ببعض الخدمات المنزلية الضرورية مثل، حياكة الملابس، أعمال الكهرباء والسباكة والدهان، وغيرها، للتقليل من الإعتماد على الغير، وتوفيراً وترشيداً لنفقات والمصروفات، وقصرها على الضروري منه.
وبصفة عامة أقدم اقتراحي بأن هناك فرصة جيدة جداً، للدول الفقيرة ومحدودة الموارد، أو التي تعتمد بشكلٍ كبير على استيراد كميات كبيرة من الحبوب “خاصة القمح والذرة”والمحاصيل الزراعية الغذائية سواء للاستهلاك الآدمي أو الحيواني، بالتوسع في زراعة “CASSAVA” الكسافا، محصول غذائي غني بالمواد بالبروتين والنشاء، وقريب جداً من مكونات القمح الغذائية، يسهل زراعته في الأرض الصحراوية، والتربة عالية الملوحة، والظروف المناخية مرتفعة الحرارة، تستهلك زراعته كميات قليلة من الماء بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى، كما يمكن بالوسائل العلمية الإنتاجية الوصول إلى كميات إنتاج وفيرة بسرعة كبيرة، وهو يزرع في بلاد كثيرة في إفريقيا والبرازيل وآسيا، خاصة فيتنام وكمبوديا اللذين حققا معدلات إنتاج كبيرة في هذا المحصول، كما أن كثير من المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة ال FAOوITC والتابعين لمنظمة الأمم المتحدة، أبدت اهتماماً بالغاً بهذا المحصول، لما يتمتع بخصائص غذائية عالية مفيدة، كما أنه يدخل في صناعة المخبوزات، والنشاء.
أخيراً، على أمل أن يلقى اقتراحي هذا اهتمام السادة المسؤولين في بلادهم، وأن تعم الفائدة علينا جميعاً، وأن نتخطى تلك الفترة الصعبة التي وضعنا فيها، دون ذنب، أو جرم، ولكن صراع الكبار يدفع فاتورته الفقراء والضعفاء.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.