بدون أدنى شك كانت اليقظة الكبيرة للأجهزة الاستخباراتية والأمنية المغربية لها دور جد فعال في رصد المتطرفين و تحييد الأخطار وتفكيك الخليات الإرهابية وفق ضربات استباقية من نوعها ضمانا لتحقيق الأمن والاستقرار للمغرب. فبعد عمليات التتبع و المراقبة طوال عدة أشهر لأشخاص مشتبه بهم في تبني الفكر الإرهابي، تبين بعدها أنهم ينشطون بخلية إرهابية، كانوا قد قاموا بمهام استطلاعية ورصد ميداني لتحديد عدة أهداف مدنية وعسكرية، ودخلوا في مرحلة التحضير للقيام بعمليات انتحارية تفجيرية تهدف إلى زعزعة استقرار المملكة المغربية .
فبناء على المعطيات المتوفرة لدى المكتب المركزي للأبحاث القضائية BCIJ ، وعلى ضوء المعلومات والتقارير الاستخباراتية الدقيقة، والمقدمة إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، داهمت الأجهزة الأمنية المغربية بقواتها الخاصة على نحو متزامن أربع مدن مغربية هي : طنجة، تفلت، تمارة والصخيرات وأسفرت المداهمة على تفكيك خلية إرهابية تابعة لما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، وعن اعتقال خمسة متطرفين تتراوح أعمارهم بين 29 و 43 سنة، أمير الخلية يقطن بحي الكورة 1 بمدينة تمارة.
وعليه تم ضبط محجوزات عديدة كانت معدّة للاستعمال في تنفيذ مخططات إرهابية، عبارة عن مواد كيماوية تستعمل في صناعة أحزمة ناسفة، إضافة إلى مجموعة من الأسلحة النارية والبيضاء، كما أسفرت عمليات البحث والتفتيش التي أجريت في المباني والشقق التي يديرها الإرهابيون كأماكن آمنة وقاعدة دعم لوجستي ضبط 3 أحزمة ناسفة تحتوي على أنابيب لتحميل مواد متفجرة ، و 15 زجاجة تحتوي على مواد كيميائية مشبوهة، 2 صواعق كهربائية، معدات إلكترونية، مساحيق كيميائية وكابلات كهربائية، ومجسم من الورق المقوى عليه شعار داعش، و 3 سترات ناسفة قيد التحضير، وعدة أنابيب بلاستيكية تستخدم في تصنيع وتجهيز الأحزمة الناسفة، إضافة إلى ما يقارب 3 كيلوغرامات من النترات من الأمونيوم، و أيضًا 3 أقنعة، 2 زوج من المناظير، معدات لحام إلكترونية وكهربائية ، كاميرا رقمية متطورة تستخدم عادة في الدعاية والبروباغاندا ، 2 عبوات غاز مسيل للدموع، مجموعة كبيرة من السكاكين بأحجام مختلفة، أسطوانات غاز صغيرة، 2 طنجرة ضغط، طنجرة محملة بالمسامير والكابلات وأخرى تحتوي على سائل كيماوي مشبوه وأكياس بلاستيكية تحتوي على صواميل حديدية ومواد مشبوهة و 5 بطاريات و 25 كشافاً .
التنميط الإجرامي و بروفيل الإرهابيين
من خلال تحليل وتنميط بروفيلات ومهن وسوابق الإرهابيين تم التوصل إلى أن هناك رغبة في التكفير عن الخطايا والسيئات السابقة و رغبة في التدرج الديني والطموح الجامح في التبوء بالجنة من خلال تنفيذ مثل هذه العمليات الإرهابية، وهذا يدخل في باب الفكر الجهادي السلفي، مع الإشارة إلى أن المرحلة الاستعدادية المنهجية قبيل تنفيذ العمليات الإرهابية وما يستلزمها من تنقية روحية و معاشرة اجتماعية جيدة، وسلوك جيد سواء مع الأقارب أو الجيران، يموه و يصعب من كشف شخصيات المشتبه فيهم من الإرهابين الموقوفين .
خطورة العمليات الإرهابية
خطورة العمليات الإرهابية المزمع تنفيذها كانت في السياق، فالأمر يتعلق بوضعية صحية وبائية وحالة طوارئ، استغلها الإرهابيون لمباغتة الأجهزة الأمنية، الخطورة كذلك في ارتباطهم المباشر والحاصل بين أفراد الخلية بتنظيم *داعش (تنظيم محظور غي الاتحاد الروسي)، ونوعية المواد الخطيرة المستعملة في تنفيذ العمليات الإرهابية من نترات الأمونيوم والمحاليل و المواد الكيميائية … إلخ ، بالإضافة الى خطر تقدم الأشغال التحضيرية لهذه العمليات، وكذا خطر التوقعات والنتائج على اعتبار استهداف أماكن رمزية أو بنيات اقتصادية، مصالح حيوية أو أهداف مدنية أو عسكرية .
الأهداف من وراء العمليات الإرهابية
غالبا ما تستهدف الجماعات الإرهابية تأزيم الأنظمة وترويع المجتمعات وإخضاعهم لعيش تحت الرعب، وضرب رموز الدول، ونزع ثقتهم بدولهم وأنظمتهم وتقويض التنمية، والرغبة في تأزيم المجتمعات والدول الحكومات وسياساتها وخنقها، والحيلولة امام الانتعاش والتنمية الاقتصادية وبالتالي تقويض حياة الأفراد . تجدر الإشارة أخيرًا إلى أنه تم وضع المتهمين رهن ذمة التحقيق القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة للوقوف على كافة التداعيات والصلات المحتملة لهذه الخلية الإرهابية والقبض على جميع المتواطئين معها. كما لا يفوتنا هنا الإشادة بخبرة المدرسة الاستخباراتية الأمنية المغربية وقدرتها على التقاط المعلومات وتحليلها وتحديد المكان داخل التراب الوطني وخارجه.
د.عبد الكريم عتوك- خبير أمني، باحث بقضايا الإرهاب والجماعات المتطرفة / ألمانيا.