بعد اعادة الإدعاء الأمريكي اتهامات جديدة لضابط مخابرات ليبي سابق “أبوعجيلة مسعود” بالتورط في قضية لوكربي، مما يطرح عدة تساؤلات أهمها، هل بإمكان أمريكا فتح ملف التعويضات من جديد؟ أو هل ستطالب بعقوبات على الدولة الليبية؟
ووفق وثائق، نشرتها صحيفة المرصد الليبية ، تعود لفترة تسوية قضية لوكربي ، فإن عودة القضية للواجهة تزامن مع حكم قضائي بريطاني، يرفع التجميد عن مليارات ليبية في المملكة المتحدة، مجمدة بحسابات المؤسسة الليبية للاستثمارات، مما يراه البعض ربط بين هذا الحكم والاتهام الأمريكي، وربما يعرض تلك الأموال للحجز، على اعتبار أن الحادثة، وقعت على أرض بريطانية.
غير أنه بالعودة إلى نص اتفاق تسوية المطالبات الليبي الأمريكي، المبرم والموقع بين الجانبين، في طرابلس يوم 14 أغسطس 2008، أكد على إغلاق كل هذه القضايا، حتى لو كانت قابلة للاستئناف أمام المحاكم .
وبالعودة إلى تفاصيل ما بعد حادثة لوكربي فإن عائلات أمريكية رفعت دعاوى قضائية في نيويورك سنة 2006 ، وتحصلت على حكم بالتعويض قدره 6 مليارات دولار، غير أن الإتفاق النهائي بين الدولتين، ألزم ليبيا على دفع تعويض قدره 1.5 مليار دولار، ونص أيضا أن تدفع أمريكا في المقابل تعويضًا لليبيا وقدره 300 مليون دولار .
وحملت الإتفاقية بين ليبيا وأمريكا والمكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، توقيع كل من ” ديفيد ويلش ” وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط وأحمد الفيتوري وكيل شؤون الأمريكيتين، في وزارة الخارجية الليبية آنذاك، وجاء في الاتفاقية على أن يؤسس صندوق يودع فيه الطرفين، أو من ينوب عنهما الأموال التي يطلبها كل منهما من الآخر كتعويض .
كما جاء في بنود المادة “3” أن يقبل الطرفين تسوية مادية مقابل تلك القضايا، ولا يجوز بعدها فتح أي مطالبات جديدة، عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 يونيو 2006، وهذا يعني أن أمريكا لا يحق لها الآن المطالبة، أو حجز أي أموال أو أصول ليبية، بعد هذه التسوية الحاسمة، وبالطبع لا يحق لليبيا أي مطالبة، في مقابل أن تدفع الولايات المتحدة تعويضات ضحايا الغارة الأمريكية على ليبيا ، والتي حدثت يوم 15 أبريل 1986 .
وطالبت ليبيا ، في المادة “ب / 3” من الاتفاق، وفي الملحق التابع له على التزام الولايات المتحدة، بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا، وبأن لا يستلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض، إلا بعد توفير هذه الحصانة، وهو ما تم بالفعل عبر مراسيم رئاسية وتشريعية أمريكية .
وتنفيذا لطلب ليبيا أصدر الكونغرس الأمريكي القانون رقم 110/301 بشأن اعتماد هذه الإتفاقية، ونصت المادة 4 من هذا القانون، على أن تكون الممتلكات الليبية، والأفراد الليبيين المعنيين، في مأمن من الحجز أو إجراء قضائي آخر، وبالمناسبة فإن النائب بالكونغرس “جو بايدن” وقتها ، الرئيس المنتخب حاليًا ، هو من تقدم بذلك التشريع .
كما وقع الرئيس الأمريكي بوش الابن في 31 أكتوبر 2008 مرسومًا رئاسياً، حمل رقم 13477 نص على التزام الولايات المتحدة بتسوية النقاط المطلوبة منها، والتي ارتكبها مواطنيها، على أن تلتزم ليبيا بنفس المبدأ، مع الإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية، وإقفال أي قضايا مفتوحة، من قبل عائلات الضحايا سواء أمام المحاكم المحلية والأجنبية، وذلك بعد قيام بعض العائلات، برفع قضايا ضد ليبيا بشكل منفرد، وحصولها على أحكام بتعويضات مالية ضخمة، إلا أنها أصبحت هي والعدم سواء بعد هذا الاتفاق .
وبذلك يكون كل ما يقال عن حق وقدرة الولايات المتحدة، على حجز الأموال الليبية، أو المطالبة بحجز، أو معاقبة الدولة الليبية وأصولها، هو أمر غير واقعي، ولم يعد له أسس وفقًا لهذه الإتفاقية الموقعة بين ليبيا والولايات المتحدة، بنفس القوة القانونية، وللقانون الصادر بشأن تحصينها من الكونغرس، و للمرسوم الرئاسي الصادر والموقع من الرئيس ” جورج دبليو بوش ” .
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.