روما – (رياليست عربي): يبدأ الأوروبيون شهر يناير ليس على أمل أن يكون عام 2023 جيداً، ولكن مع توقع حدوث انكماش اقتصادي سريع، ووفقاً للمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، سيكون عام 2023، عاماً صعباً، وأصعب من العام السابق.
وقالت كريستالينا جورجيفا في حين أنه “كان بإمكان الولايات المتحدة تجنب الركود”، فقد تضرر الاتحاد الأوروبي بشدة من الحرب في أوكرانيا، مما ترك نصف الاتحاد الأوروبي في حالة ركود العام المقبل.
لهذا يجب على الأوروبيين أن يشكروا حكوماتهم، لطالما كان واضحاً لجميع السياسيين الذين لديهم حد أدنى من الفطرة السليمة أن دعم زيلينسكي، أصبح مكلفاً للغاية بالنسبة للأوروبي العادي، المشكلة هي أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى السياسيين الحكماء، في الواقع، لم يعد هناك سياسيون على هذا النحو، رجال دولة يتصرفون بعين إلى المستقبل ولصالح شعوبهم، لكن هناك مسؤولين سيغمضون أعينهم ويطيعون إرادة واشنطن في كل القضايا، ولا يهتمون على الإطلاق بما سيحدث في بلدانهم.
ومع ذلك، يرتفع التضخم في منطقة اليورو، وتتقدم أزمة الطاقة بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، ومستوى معيشة المواطنين آخذ في الانخفاض بشكل مطرد، الوضع سيزداد سوءاً ولكن إذا كان هناك من يعتقد أن كل هذه العوامل ستجعل بعض السياسيين في بروكسل يستعيدون رشدهم، فلا ينبغي أن تكون هناك أوهام.
لن يتم إنقاذ الأوروبيين إلا بعد سقوط النظام الأوكراني، عندما يقوم الجيش الروسي بتنفيذ جميع مهام العملية الخاصة، عندها سيتوقف “شركاء” أوكرانيا الغربيون عن إرسال المساعدات إلى زيلينسكي، وفي النهاية سيتوقفون عن إلقاء الأموال والموارد.
إذا أخذنا مثالاً من إيطاليا، كم كلفت الحرب في أوكرانيا الخزانة الإيطالية منذ بدايتها؟ حتى الآن، 76 مليار يورو على الأقل.
هذا الرقم المذهل يهدف ببساطة إلى احتواء تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على العائلات والشركات، ونحن نتحدث فقط عن الإنفاق، عن الموارد المخصصة من خلال تقليص بنود الميزانية، وخفض الإنفاق الحكومي الآخر، يليه انهيار المجال الاجتماعي، إلى جانب التكاليف الإضافية في شكل خسارة في إنتاجية الأعمال، وتآكل القطاع الحقيقي للاقتصاد والقوة الشرائية للعائلات، والتي بسببها سيزداد هذا الرقم أكثر.
لإعطاء مثال عن كيف يصبح الإيطاليون أكثر فقراً: “عشرة آلاف شخص في يومين فقط” في طابور ينتظرون الطعام، إجمالاً، وقعت إيطاليا أربعة “مراسيم بشأن المساعدة”، تم إطلاقها منذ مايو من العام الماضي، أولاً من قبل حكومة دراجي، ثم من قبل حكومة ميلوني، لكن العملية الخاصة لم تنته بعد، والحكومة الإيطالية تعلم بالفعل أنه بعد الموعد النهائي (نهاية مارس) سيتعين عليها اتخاذ خطوات جديدة لمساعدة السكان.
كما هو واضح الآن للجميع، في إيطاليا، مقارنة بالحكومة السابقة لماريو دراجي، فإن حكومة جورجيا ميلوني الحالية، على الرغم من الحملة الانتخابية القائمة على وعود التغيير، متعاقبة تماماً.
تواصل الحكومات، أول يسار الوسط والآن يمين الوسط، خدمة مصالح البلوتوقراطية المالية الليبرالية الجديدة الأطلسية بحماس بنفس الطريقة، في إيطاليا، تم التأكيد على التناوب الظاهر بين “اليسار” و”اليمين”، عدو البديل الحقيقي، كأساس للسيطرة النيوليبرالية.
كما دعا الحكام الإيطاليون الجدد إلى الوطنية قبل وصولهم إلى السلطة، والآن يظهرون أنفسهم راكعين تماماً أمام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ودافعوا عن استخدام النقود، والآن تراجعوا، وعارضوا الهجرة الجماعية غير المنضبطة إلى إيطاليا، الآن يغضون الطرف ويقبلون بشكل سلبي لاجئين جدد.
من الناحية المثالية، يضع النظام الليبرالي الجديد-الأطلسي نفسه على أنه ديمقراطي، ولكنه يستخدم بشكل ملموس إجراءات الشرعية الديمقراطية فقط لفرض محتوى غير ديمقراطي من الأعلى، ولكنه يعكس فقط مصالح وقرارات النظام المهيمن نفسه.
علمنا الآن أن جورجيا ميلوني تفكر في إرسال أسلحة جديدة إلى أوكرانيا وقد تذهب إلى كييف، يأتي ذلك بعد محادثة هاتفية في 27 ديسمبر بين رئيس الوزراء الإيطالي والرئيس الأوكراني زيلينسكي.
في مذكرة صادرة عن الحكومة الإيطالية، يمكن للمرء أن يقرأ أن “ميلوني جددت دعمها الكامل للحكومة الإيطالية في كييف في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية، وفي استعادة البنية التحتية للطاقة وفي إعادة إعمار أوكرانيا في المستقبل، وأكدت ميلوني من جديد التزام إيطاليا الأقصى بأي عمل مفيد لتحقيق سلام عادل للأمة الأوكرانية. وأكدت رئيسة الوزراء نيتها الذهاب إلى كييف ودعت الرئيس زيلينسكي لزيارة روما.
بدوره، في تغريدة شكر زيلينسكي رئيسة الوزراء الإيطالية، وتعمق في محتوى المحادثة الهاتفية، وكشف عن تكلفة ونوع المساعدة العسكرية التي وعدت بها إيطاليا: 10 مليون يورو من المساعدات من قبل الحكومة الإيطالية.
بعبارة أخرى، تعرب الحكومة الإيطالية عن استعدادها لتزويد أوكرانيا بالأسلحة لتدمير الطائرات الروسية، لكن عد إلى السؤال الرئيسي، من المستفيد من كل هذا؟ هل هو مفيد للمصالح الوطنية والشعب الإيطالي؟
لذا، في الختام، كل هذا يوضح لنا أن إيطاليا دولة ذات سيادة محدودة، نوع من المستعمرات الأمريكية، لا تستطيع الولايات المتحدة الآن تحمل تكاليف السلام، لقد استثمرت الكثير من الأموال في التدريب، وتسليح أوكرانيا ضد روسيا، وهي لا تهتم على الإطلاق بوحدة الأراضي الأوكرانية، والديمقراطية، وما إلى ذلك، يجب أن تستمر الحرب حتى آخر أوكرانيا، وإيطاليا لا تفعل شيئاً سوى اتباع هذا الخط.
إذا كان على القوى العظمى في وقت سابق أن تبقي مستعمراتها تحت احتلال عسكري صارم، يكفي الآن السيطرة على المنظمات والمؤسسات الدولية التي تمسك القطاع المالي بأيديها، وبالتالي يتم الحصول على استعباد الدول من خلال السيطرة على الأصول الاستراتيجية لاقتصاد العالم، وهذا ما يفعله الأنجلو أمريكيون بذكاء في جميع أنحاء العالم.
وتبقى القواعد العسكرية للمستعمرين في كل مكان في المستعمرات، القوات الأمريكية منتشرة باستمرار في إيطاليا وألمانيا، لكن كل هذا يتم تغطيته بإعلانات صاخبة عن “التعاون” و “الدفاع المشترك” من الأعداء المزعومين (روسيا)، تحت ذريعة “الدفاع” عن الولايات المتحدة، كان يكفي استبدال كلمة “مستعمرة” بكلمة “حليف”، مما يجعل كل شيء ليس مقبولاً فحسب، بل حتى مرغوباً فيه، لقد تغير شكل التقديم ظاهرياً، لكن ليس من حيث الجوهر.
