ساهمت الحروب في كل من سوريا والعراق، بقطع كل صلة ذات نفع إقتصادي خاصة لجهة التجارة وتقييدها من خلال السيطرة على المعابر الحدودية بين الدول، والتي تصبح الحركة فيها مشلولة، فقد عمد تنظيم داعش السيطرة على المناطق الحيوية من سوريا والعراق، وبالتالي قطع الطرق وإيقاف حركة الترانزيت بين البلدين، كما وعمد الجيش السوري الحر ومن ثم جبهة النصرة إلى قطع الطريق عند معبر جابر – نصيب الحدودي ما بين سوريا والأردن الأمر الذي أدى إلى إغلاقه ليعود و ويفتح ومن ثم أغلق من الجانب الأردني لأسباب سياسية، أيضا معبر اليعربية الواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، فيما يقع معبر التنف في جنوب البلاد، تحت السيطرة الأمريكية، كذلك معبر باب الهوى في الشمال وقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر ومن ثم النصرة، يإستثناء معبر كسب الحدودي مع تركيا حيث سيطرت عليه جبهة النصرة لمدة شهر كامل عام 2013، ومن ثم عاد لسيطرة الدولة السورية.
ثروة إقتصادية
المعابر الحدودية لها أهمية إقتصادية كبيرة، وخاصة أمام حركة الشحن والترانزيت ورسوم المرور والتعرفة الجمركية على البضائع وحركة التجارة بين الدول، وهذا الأمر كانت تتمتع به سوريا، خاصة وأنها ممر عبور لكل من تركيا والعراق ولبنان إلى الأردن فالخليج ومن ثم أوروبا، وبالعكس، إلا أن الحرب الحالية غيرت إتجاهات العبور وبات عبئا على كاهل الدول المصدرة أو المستوردة لإعتمادها على الشحن الجوي والبحري مما زاد الكلفة وأصبح هناك ركود بعدما تقيدت حركة التجارة بسبب التنظيمات الإرهابية التي إنتقت مناطق حيوية كأحد أهم أساسيات ضرب عمق الدولة السورية في إقتصادها، إلا أن المؤكد أن تأثر دول الجوار كان له صدى قويا خاصة في تركيا التي لا تزال تعاني إلى اليوم من إرتدادات الأزمة السورية، وكذلك لبنان ويضاف إليهم العراق، لكن مع عودة إفتتاح معبر القائم، فهناك فرصة حقيقية لإنعاش حركة التجارة بين سوريا و العراق.
هل ينجح الاتفاق؟
لقد وافقت الحكومة العراقية بالتنسيق مع الحكومة السورية على فتح معبر القائم الحدودي اليوم الإثنين 30 سبتمبر/ أيلول 2019، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن المعبر من الناحيتين الفنية واللوجستية كان جاهزاً وبإنتظار إعلان الإفتتاح الرسمي، إلا أن العمليات الأخيرة للطائرات المسيرة المذخّرة بقنابل كانت قد ضربت المنطقة القريبة من المعبر، وتحديدا منقطة البوكمال الحدودية مع مدينة القائم، ما يعني أن هناك رغبة أمريكية – إسرائيلية بمنع إفتتاحه، الأمر الذي أدى إلى تأجيل الإفتتاح بعد توقع أخطار قد تستهدف القوافل التجارية في الذهاب أو الإياب، فضلا عن محاولات واشنطن التأثير على القرار العراقي، إلا أن ذلك قوبل بالرفض على ما يبدو وبالتالي تم إتخاذ القرار وإعادة دوران العجلة الاقتصادية بين سوريا والعراق.
من هنا، أصبح واضحا، أن العمليات الأخيرة بالطائرات المسيرة التي إستهدفت مقار ومعسكرات للحشد الشعبي العراقي، لم تكن صدفة، إذ غيّر الحشد من تموضعه في محافظة الأنبار إلى جانب إنسحاب بعض القوات الإيرانية من منطقة البوكمال السورية إلى مناطق غير معروفة، بعد إستهدافات كثيرة من تلك الطائرات، وردا على ذلك طالب الحشد الشعبي العراقي بمعرفة أدق التفاصيل عن مدة بقاء الأمريكيين في العراق وأعدادهم وما يفعلونه تحديدا، في ضوء مطالبات رسمية بخروجهم من العراق، كل ذلك لم يمنع المعبر من الإفتتاح ليكون المعبر الثاني من بعد جابر – نصيب المغلق مؤقتا.