موسكو – (رياليست عربي): في 15 يونيو/ حزيران، سيبدأ منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي أعماله في سان بطرسبرغ، وذلك لمدة ثلاثة أيام، ومن المعروف أن المنتدى هذا العام يأتي في ظروف مواجهة جيو – سياسية قاسية غير مسبوقة بين روسيا ومعظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
قال مدير مركز خبراء “رياليست”، الدكتور عمرو الديب، لموقع “فيتو” المصري: لسنوات عديدة، كان منتدى سانت بطرسبرغ عرضاً كبيراً لقوة الرأسمالية الروسية، فهنا، في سانت بطرسبرغ (أو كما يطلق عليها أحياناً في روسيا نفسها – النافذة على أوروبا)، أظهر الشركاء الأجانب مدى استعداد الكرملين للاندماج في الاقتصاد العالمي وما هي الآفاق التي يمكن أن تقدمها روسيا للمستثمرين الأجانب، ومع ذلك، بعد أن شنت موسكو حملة عسكرية في أوكرانيا، بدأ الصدع السياسي وحتى الحضاري بين الغرب والشرق في التعمق، ووجدت القوى الإقليمية الرئيسية نفسها تبحث عن نقاط جذب جديدة للعالم متعدد الأقطاب سريع الظهور.
من الواضح الآن أن مهام منتدى سانت بطرسبرغ قد تغيرت أيضاً، فيحتاج الكرملين الآن إلى بناء علاقات اقتصادية جديدة وتقوية العلاقات القديمة وسط ضغوط عقوبات غير مسبوقة، في هذا العام سيكون هناك أكثر من 2700 ممثل أعمال من بين المشاركين في المنتدى، من بينهم أكثر من ألف من رؤساء الشركات.
مصالح جيو – سياسية
يضيف مدير مركز خبراء “رياليست”: يقول مثل روسي قديم: “الصديق القديم خير من صديقين جديدين”، ويبدو أن مثل هذه التكتيكات والاستراتيجيات لها كل فرص النجاح، فمن الذي سيحتل مركز الصدارة كضيف شرف منتدى سانت بطرسبرغ هذا العام؟ عادةً ما يعني وضع الضيف المُكرّم اهتماماً متزايداً من السلطات والشركات الروسية، كما يشير أيضاً إلى ناقل المصالح الجيوسياسية للكرملين، ويبدو أن روسيا مستعدة لمفاجأة الجميع مرة أخرى: فالضيف الخاص للمنتدى هذا العام هو مصر وقائدها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
لكن بالنسبة لأولئك الذين يهتمون بكل شيء روسي، فإن هذا الاختيار أكثر من مفهوم، لسنوات عديدة، كانت مصر ولا تزال أحد الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرائدين لروسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، بمساعدة الاتحاد السوفيتي، تم بناء حوالي 100 منشأة صناعية في مصر، يلعب الكثير منها، بشكل أساسي، دوراً مهماً في الاقتصاد المصري، مثل: السد العالي، ومصنع حلوان للصلب، ومصنع نجع حمادي للألمنيوم. ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كان هناك ركود في العلاقات المصرية الروسية، وفي السنوات الأخيرة تغير كل شيء بسرعة بسبب وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي لرأس السلطة المصرية واعتماده على الانفتاح في سياسته الخارجية.
دعوة مصر
وتابع الدكتور الديب أن موسكو أرسلت دعوة إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لحضور منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في منتصف مايو، وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشينين قد تحدث سابقًا مع نظيره المصري إيهاب بدوي، وأكد الطرفان تقارب توجهات البلدين بشأن القضايا الدولية.
لماذا مصر، مهمة لروسيا؟
قال الدكتور الديب: منذ زمن الإمبراطورية الرومانية والبريطانية، لم تتغير الصورة الخاصة بمكانة مصر الجيوبوليتيكية، فمن يستطيع التجارة على ضفاف النيل، يمكنه أن يتاجر مع كل الشرق الأوسط وأفريقيا، فمصر هي مفتاح هذه الأسواق مع الملايين من العملاء المحتملين. والقيادة الروسية تعلم هذا الأمر تماماً، فلا تزال المعركة من أجل إفريقيا العالمية في أوجها بين فرنسا، بريطانيا، الصين والهند وروسيا – ولكن روسيا لديها خصوصية تاريخية شعبية في هذه المنطقة، فتعتز الدول الأفريقية بعلاقاتها مع الكرملين ولا تتسرع في الانضمام إلى العقوبات والاستهجان العام لروسيا وأهم هذه الدول مصر صاحبة أهم علاقات تاريخية مع موسكو.
وختم مدير مركز خبراء “رياليست” بالقول: في النهاية يجب أن نذكر تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبيل انطلاق منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي 2022، حينما قال “لا يمكنك إذلال روسيا، وعندما تتوقف الأعمال العدائية يوماً ما، يمكننا تمهيد الطريق للخروج من الأزمة بمساعدة الدبلوماسية”. بالطبع، هنا الرئيس الفرنسي محق، ولكن عندما يحدث هذا، قد تجد دول أوروبا والولايات المتحدة أن روسيا ببساطة ليست بحاجة إليهم.