أعلن رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو عن تشكيل حزبه المعارض الجديد باسم “حزب المستقبل”، ومن أهم أهداف هذا الحزب الدفاع عن العلمانية ومبادئ مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، كما جاء في المؤتمر الصحفي لأوغلو، طبقاً لـ موقع قناة “الجزيرة“.
ثأر وإنتقام
شكّلت إستقالة رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو من حزب العدالة والتنمية العلنية، صدمة كبيرة لكل أعضاء الحزب أولاً، ومن ثم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثانياً، وهو الذي كان من الأعضاء المؤسسين للحزب الحاكم قبل سنوات طويلة، لكن وكل هذا التاريخ والعطاء لهذا الحزب، ببساطة تم تحويل أوغلو من قبل الرئيس أردوغان إلى لجنة “تأديبية”، وهذه بداية إنقلاب عهد العدالة والتنمية وفرط السبحة التي تم بناؤها، ليكون حزب المستقبل المعارض الجديد أولى الصفعات التي يوجهها الرئيس المستقيل إلى رفيق نضاله رجب طيب أردوغان.
قال أوغلو في مؤتمره الصحفي، “حزبٌ جديد نحو سياسة بعيدة عن عبادة الشخصية”، والمقصود بها هنا الرئيس أردوغان، الذي تجاهل أهداف حزب العدالة والتنمية وإستغلها لما يحقق له مكاسب فردية وشخصية تعود بالنفع عليه دون التفكير بأقرانه من الأعضاء، ليأتي الحزب الجديد مبنياً على تناقضات واخطاء الحزب الحاكم التي تترجمت أفعالاً وحولت الوضع من عصر إزدهار إلى ركود نتج عنه إستقالات وإقالات أضرت بالنية الهيكلية لهذا الحزب.
ثورة مناهضة
يرى العديد من المحللين أن هذا الحزب ثورة ضد سياسات أردوغان، خصوصاً وأن المؤسس كان من الأعضاء البارزين في الحزب الحاكم، فضلاً عن أن هذا الحزب ولد من رحم العدالة والتنمية ولربما سيسبب حرجاً كبيراً للرئيس التركي، مما قد يحدث تصدعات جديدة بعدما خرج من تحت عباءته معظم الأعضاء الفاعلين نذكر منهم علي باباجان نائب رئيس الوزراء الأسبق، فبعد سياسة التهميش بحقهم، إذ وصلت الأمور إلى حد إقصاءهم، ليتحول الحزب الحاكم، إلى الحزب الواحد، فكان الحزب الجديد رداً مباشراً على أردوغان، خاصة وأن العلمانية وتعاليم مصطفى كمال أتاتورك والوحدة الوطنية، تأتي خلافاً لكل القمع الذي كان يقوم به الحزب الحاكم في الآونة الأخيرة، حتى وإن لم يحظَ حزب المستقبل الجديد بتأييد شعبي كبير في بدايته، لكنه إنتهج أهدافاً يرى فيها الأتراك خلاصهم من سياسة القمع والإعتقالات التعسفية وعدم قبول الآخر، متنفساً لهم ولربما سيحظى هذا الحزب إن تضامن مع الأحزاب الأخرى كحزب الشعب الجمهوري بقيادة كمال كليتشندار وحزب الوطن والأكراد، سيشكل حاضنة كبيرة تكون بداية لنهاية العدالة والتنمية وأردوغان.
من المستفيد؟
لا شك بأن تحالف المعارضة التركي سيكون أول المستفيدين من هذا الشرخ الحاصل والذي سيتوسع في القادم من الأيام، كما أشرنا أعلاه، لكن أمام أحمد داوود أوغلو ورفاق الحزب الجديد مشوار طويل، قد لا يستطيعون في البداية تأمين حاضنة كبيرة، لكن بحب المؤشرات سيكون لهم قدرة التأثير على الشارع التركي وبالتالي إضعاف الحزب الحاكم، لتتكون تحالفات بين الأحزاب المعارضة والشعب التركي الذي أنهكه الاقتصاد المدمر وأسلوب أردوغان الذي لم يحقق لتركيا شيء بل زاد من سوء المعيشة وعدم إستقرار الوضع الاقتصادي إذا ما ربطنا ذلك مع خسارته لكبرى المدن التركية الرئيسية في الانتخابات البلدية المحلية، ونهجه الخارجي وحروبه على دول الجوار وما بعد الجوار كسوريا والعراق وليبيا، الأمر الذي ولّد أعداء لأنقرة، وسخطاً شعبياً داخلياً، إستثمره أوغلو وأعلن تأسيس حزبه في الوقت الذي بدأ الرئيس أردوغان ينهار ولو ببطئ في ضوء سياساته السيئة التي لم تجلب إلا الويلات على الجميع.
من هنا، تحتدم المنافسة في الداخل التركي، بعد نضوج الأرضية المناسبة لذلك، فمنذ العام 2016، والإنقلاب التركي الشهير إلى الأزمة الاقتصادية في تركيا العام 2018 والملف السوري وغيرهم من الأزمات أثقلت كاهل الشعب التركي الذي سيرى خلاصه مع أي خطوة جديدة وإن كانت أقل من توقعاتهم لكنها أياً كانت برأيهم ستكون أفضل مما هم عليه بفضل سياسة العدالة والتنمية ممثلة بشخص أردوغان. فهل يغير حزب المستقبل، مستقبل تركيا؟
فريق عمل “رياليست”