استعرض فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين السوري خلال لقائه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تطورات الأوضاع في سوريا والجهود المبذولة لتوطيد الأمن والاستقرار، طبقاً لوكالات أنباء.
هل يعود تنسيق المقداد مع الروس بالإنفراج الإقتصادي؟
في زيارة رسمية هي الثانية لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد بعد تسلمه منصبه خلفاً للوزير الراحل وليد المعلم، بدأها في إيران والثانية في روسيا، تأتي هذه الزيارة في وقت تعاني فيه سوريا من أوضاع إقتصادية سيئة للغاية جراء الحصار الغربي عليها، خاصة بعد تضييق الخناق أيضاً على الدول المتعاملة معها، مما فاقم الأوضاع وزادها سوءاً، فزيارة المقداد في شكلها الحالي هي زيارة إقتصادية بالدرجة الأولى، وتوضحت معالمها مباشرةً، إذ صرحت وسائل إعلام روسية عن إمداد روسي بمادة القمح للدولة السورية، ما يعني أن هناك إنفراجات مرتقبة إلى حدٍّ ما، لكنها ليست بالقدر المأمول، كون الإحتياجات أكبر من قدرة روسيا على التكفل بها لوحدها.
وفي سياقٍ متصل، حملت الزيارة توقيع عددٍ من الإتفاقيات خاصة وأن الرئيس السوري بشار الأسد كان قد صادق على الـ 140 إتفاقية الأخيرة التي وقعت في دمشق أثناء الزيارة الرسمية الروسية الأخيرة إلى العاصمة السورية – دمشق، لكن الإهتمام الأكبر من الجانب الروسي كان فيما يتعلق بإعادة الإعمار وهذا لا يتحقق إلا مع إنهاء حالة الإرهاب الموجود شمالاً وشرقاً.
هل ستبدأ موسكو في الإستثمارات في سوريا؟
إن الدولة الروسية تتحين الفرصة لتبدأ بقطاف إنتظارها منذ مجيئها إلى سوريا في العام 2015، والتنسيق الروسي – السوري في المجال الإقتصادي بلغ مستويات مرتفعة جداً، لكن لو كانت هذه الأمور في فترة سابقة، لكان حلم تحقيقها فيه الكثير من الصعوبة، إلا أن الظروف الحالية تبشر بخيرات مرتقبة، لها صلة بالإنحساب التركي من أكثر من 7 مواقع حساسة في الشمال السوري، وهي خسارة عسكرية كبيرة لتركيا في تلك المنطقة، فضلاً عن وقوف روسيا في وجهها في منطقة عين عيسى الإستراتيجية، وفتح صفحة جديدة مع قوات سوريا الديمقراطية – قسد، وتبنيها مبادرة مؤتمر دمشق لعودة اللاجئين، كل هذه العوامل، هي عبارة عن تذليل الصعاب العالقة للبدء بالقطاف الإقتصادي، لكن هذا لا يعني أن الأمور أصبحت في خواتيمها، لكنها أقرب للحل السياسي وإستبعاد الحل العسكري إلى حدٍّ كبير، فروسيا لا تريد تأجيج الصراعات، ولا تريد خسارة شركائها، حتى من الناحية الإيرانية، فلقد ذكرت مواقع معارضة عن تسليم القوات الإيرانية عدداً من الحواجز للقوات الروسية التي نقلت آلياتها العسكرية على الفور إليها، في منطقة البوكمال وما حولها، ما يعني أن موسكو تريد إبعاد كل الذرائع التي تحتج بوجود قوات إيرانية، كالإعتداءات الإسرائيلية على سبيل المثال، فإن صحت المعلومات في هذا الإتجاه، هذا يعني أن الدبلوماسية الروسية للمرة الألف تنجح في سحب الذرائع وسدها مع جميع شركائها، وبالتالي ستنتظر مثلها مثل باقي الدول لمعرفة السياسة الأمريكية الجديدة وإذا ما كان جو بايدن سيكمل سياسة سلفه أم سينتهج سياسته الخاصة، رغم أن القرار في ذلك ليس له بل للدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
من هنا، إن زيارة الوزير المقداد، قد تحمل بشائر خير طال إنتظاره، خاصة وأن الأوضاع الإقتصادية على حافة الهاوية، في مقابل ذلك، تستمر السياسة السورية الخارجية بإستكمال مهامها ومجابهة محور واشنطن في كل المحافل الدولية، رغم أن النتائج صفر إلى الآن، لكن لكل شيء نهاية، فثقة سوريا بروسيا كفيلة بأن يطمئن الشعب السوري إلى أن الأمور ستنتهي بخيرٍ كبير، فلقد بدأ الغرب يوجه أنظاره نحو تركيا، بعد سنوات من غض الطرف عنها، وهذا أمر لصالح دمشق حتى ولو كان بسبب أزمة شرق المتوسط، فكل الملفات متداخلة، فلقد أصبح الخطر التركي يوازي خطر الإرهاب على الغرب نفسه أكثر من دول المنطقة.
فريق عمل “رياليست”.