قال غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام إلى ليبيا، إن مسؤولين رفيعي المستوى من طرفي الصراع قد وافقوا على الحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار ليحل محل هدنة غير مؤكدة، جاء ذلك في مؤتمر صحفي في جنيف عقب إطلاق المسار الثاني من المسارات الثلاثة التي كانت قد أعدتها بعثة الأمم المتحدة لتقديم الدعم في ليبيا (أونسميل) للمساعدة في حل الأزمة، والمسار الثاني هو مسار عسكري وأمني، يطلق عليه أيضا مسار 5+5 لأنه يتضمن خمسة ضباط رفيعي المستوى من كلا الجانبين (5 ضباط من قبل حكومة الوفاق الوطني و5 ضباط من قبل المشير حفتر)، طبقاً لموقع الأمم المتحدة.
إن الهدف الرئيسي لهذا الاتفاق هو الإستماع في المرحلة الأولى إلى الجانبين ومعرفة طلبات كل من حكومة الوفاق والمشير خليفة حفتر، ليتم تحديد الهدنة التي هي مطلب إنساني، ومن ثم وضع الخلافات جانباً لإنقاذ ليبيا التي تعاني اوضاعاً سيئة جداً نتيجة المعارك الدائرة فيها، فعلى الرغم من دعوة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي ردب طيب أردوغان إلى هدنة في بداية يناير/ كانون الأول 2020، والتي إنسحب منها المشير حفتر، دون توقيع، ما فرض على الأمم المتحدة الإسراع بخط شروط الهدنة الجديدة للتهدئة في المقام الأول ومن ثم إيجاد مخارج سياسية توقف حمام الدم في الأراضي الليبية.
إن هذه الهدنة ومع كثرة اللاعبين الدوليين والإقليميين، لن تستمر طالما أن النظام التركي أدخل عناصر جهادية أجنبية وسوريّة، إذ ستعمد هذه القوات الموجودة هناك إلى إحداث خروقات مستمرة كما في الحالة السورية وبالتالي نسف الهدنة وعودة المعارك وتجددها، يضاف إلى ذلك ورغم قرار وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن هناك مؤشرات لدى الأمم المتحدة تؤكد وصول معدات وآليات عسكرية وذخائر لكلا الطرفين المتناحرين الأمر الذي قد يقوض فرص نجاح الهدنة أو أي حل سياسي من شأنه التهدئة.
وفي حال نجاح التهدئة وبحسب غسان سلامة، فمن المتوقع إرسال قوات من قبل الإتحاد الأوروبي لمراقبة وقف إطلاق النار، لكن هذا الأمر مرتبط بمدى موافقة الليبيين أنفسهم وتقبلهم بوجود قوات أجنبية على أراضيهم، في إشارة إلى أنها بادرة حسن نية مقدمة من الأمم المتحدة وكأن القرار ليبي – ليبي لا إقليمي أو دولي.
هذه الهدنة إن تم التوافق عليها ستنعش الجانب الاقتصادي في ليبيا، فعلى الرغم من غنى ليبيا بالموارد الاقتصادية وفي مقدمتها النفط، إلا أن الظروف التي تعاني منها خفضت الإنتاج كثيراً، حيث أن الصراع وحصار الموانئ الرئيسية في شرق ليبيا أدى إلى خفض إنتاج النفط الليبي إلى حوالي 72000 برميل يوميا، مقارنة ب 1.3 مليون برميل قبل الإغلاق.
أخيراً، إن الأزمة الليبية وإن كان الظن أن الأزمة السورية وضعها معقد، لكن في حقيقة الأمر أن الوضع في ليبيا أسوأ بكثير من المسألة السورية، وأن سبل الحل فيها مستحيلة على الأقل في الوقت الحالي، وهذه الهدنة ما هي إلا مخدر موضعي لترتيب الأوراق فيما يقرره الغرب واللاعبين في هذا الملف، فخلال تسع سنوات لم تتوصل الأمم المتحدة إلى حلول ولم تلتزم حكومة الوفاق بالحفاظ على الشعب الليبي، بل أدخلت الأجنبي وزجت به لسرقة مقدراتها علناً أي تركيا، فإن لم تطالب الأمم المتحدة بالمقام الأول بخروج الأجانب وفي مقدمتهم النظام التركي، فكل ما تقوم به وكل المبادرات والقمم والوساطات الدولية هي خبر على ورق.
فريق عمل “رياليست”