طرابلس – (رياليست عربي): أعربت شخصيات وقيادات إسلامية عن سرورها بما حققته حركة طالبان من انتصارات وسيطرة على عدة مدن ومناطق في أفغانستان، خلال الأيام الماضية.
يُظهر الاحتفاء الذي أبدته هذه القيادات والشخصيات من الإسلام السياسي في ليبيا، بأن ما يحدث في ليبيا من فوضى حالية، يؤسس لمراحل ستكون أشبه بما يحدث في أفغانستان، والذي يتمثل في رفض الدولة الحديثة بكل مقوماتها والتأسيس لنظام فوضى مستمر.
وتعددت تصريحات قيادات الإسلام السياسي الليبي المرحبة بما حققته طالبان، فقد صرح مروان الدرقاش المقرب من تيار المفتي السابق الصادق الغرياني، على صفحته الشخصي، “لو صدق حدسي فإن أكبر مستفيد من انتصار طالبان هي تركيا”، مضيفاً بأن “أردوغان يجيد كسب الحلفاء خاصةً من المسلمين وسياسة أردوغان لو أُضيفت لها شجاعة وصبر طالبان، ستكون نقاط قوة إسلامية تحقق مزيداً من التوازن لصالح القوى الإسلامية، مردفاً بأن “باكستان وقطر سيكون لهما دور في ذلك وطالبان تحتاج إلى الدعم المادي والدبلوماسي الذي ستوفره لها هذه الدول الثلاث”.
كما جاءت تدوينات المفكر من جماعة الإخوان الليبية “علي الصلابي” على صفحته الشخصية بالفيسبوك، على نفس النهج، ولتعطي ملمحاً واضحاً، بأن الصلابي الذي يعتبر أحد رموز وقادة مدينة مصراته، يسعى لأن يحيل مصراته لنموذج (طالباني) في ليبيا ومنه ينطلق لبقية ليبيا.
ووفق تدوينات الصلابي التي كتبها معلقاً على ما نشرته مجلة التايمز بأن “غلاف مجلة التايمز عام 2001” حمل عنوان “الأيام الأخيرة لطالبان، مع صورة للمُلّآ عمر”، مضيفاً أن “الملا محمد عمر رحمه الله قال: لقد وعدَنا الله بالنصر، ووعدَنا بوش بالهزيمة، وسنرى أيّ الوعدَين أصدق”.
ورغم تباين مواقف الجماعات الإسلامية المتشددة بشكل عام، وفي ليبيا بشكل خاص، إلا أنها تتفق في عدائها للدولة الحديثة، ولوجود القوة العسكرية والأمنية المنظمة، وجميعها تسعى لإيجاد نظام الإقطاعيات أو الإمارات الإسلامية في الدولة الواحدة، ثم يتحول صراعها ضد الدولة الواحدة إلى صراع مع هذه الكيانات المقسمة إلى إمارات، وكل منها تخضع لأمير بمجموعاته وأفكاره، والتي تتمحور حول عدم الإيمان بتواجد الآخرين.
من جهة أخرى تثبت طريقة تعامل الدول الكبرى والمنظمات الدولية، بأن المجتمع الدولي غير جاد في القضاء على هذه الحركات المتشددة، وللدلالة على هذا الأمر يكفي طرح سؤال واحد وهو، أين كانت تختفي طالبان كل هذا الوقت؟ وماذا كانت تفعل القوات الأمريكية بكل سلاحها وعتادها طوال هذه الفترة؟
وإذا تأملنا موقف الدول الكُبرى حيال ليبيا، نجده لا يختلف كثيراً في المعطيات، حول موقفها في أفغانستان، فتجاهل المجتمع الدولي لتصريحات قيادات التيار المتشدد في ليبيا، يعطي مؤشراً بأن هذه الدول بتدخلاتها تُجهز ليبيا لنفس السيناريو الذي حدث في عدة دول شهدت فوضى عسكرية وسياسية.
ويثبت إعلان قيادات الإسلام السياسي في غرب ليبيا، تأييدها واحتفائها بما حدث في أفغانستان، ارتباط هذه القيادات الوثيق بنفس الدول التي ترتبط بطالبان مثل قطر وتركيا، كما يوضح بأن تاريخ العلاقة بين متشددي ليبيا وأفغانستان قديمة وتعود لبدايات تشكيل ما يعرف بالجماعة الليبية المقاتلة.
ونمت هذه العلاقة بين قيادات ليبية متشددة، والقيادات الإرهابية في أفغانستان مع تكوين الجماعة الإسلامية منذ الثمانينات تحت قيادات مختلفة منهم علي العشبي من بنغازي 1982، وكذلك عوض الزواوي من طرابلس عام 1989.
وبدأت هذه القيادات في أولى مراحل التكوين، محاولة إيجاد مؤسسات دينية حاضنة، غير أن القبضة الأمنية التي أحكمت حول هذه التشكيلات زمن حكم القذافي ، قلل من فعاليتها، فبعضها أودع السجون، وبعضها قتل في معارك ضد أجهزة الأمن، كما انتقل كثير منهم إلى أفغانستان، والتحقوا بتنظيم الاتحاد الإسلامي، وشاركوا في القتال هناك، حتى عام 1990 حين قرروا العودة إلى ليبيا، وتشكيل الجماعة الإسلامية المقاتلة، وحاولوا اغتيال القذافي أكثر من مرة.
تجدر الإشارة إلى أن تواجد قيادات المتشددين في ليبيا بعد عام 2011، وضحت مبكراً من خلال بعض المؤشرات، منها رفض نواب ليبيين محسوبين على التيارات الإسلامية المتشددة المشاركة في أعمال البرلمان الليبي من طبرق، وهم النواب المعروفين بالمقاطعين، أيضاً تأسيس حكومة موازية في طرابلس المعروفة بحكومة عمر الحاسي القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة، والتي اختارها أعضاء المؤتمر الوطني السابق من ذوي التوجه الإسلامي، المعروف حالياً باسم مجلس الدولة ، كما أن تنظيم “أنصار الشريعة” لا تزال تتواجد قيادته ضمن المسلحين الذين تعتبرهم الحكومة السابقة والحالية ضمن قواتها، وسبق لهذا التنظيم أن اغتال سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا “ستيفنس” في سبتمبر/أيلول 2012 في مقر القنصلية الأمريكية ببنغازي وثلاثة من معاونيه.
خاص وكالة “رياليست” – عبدالعزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.