بغداد – (رياليست عربي): في ظل تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل خلال اليومين الماضيين، دخلت روسيا رسميًا على خط الأزمة عارضة وساطة سياسية شاملة، في محاولة لمنع تحول التصعيد إلى حرب شاملة في المنطقة. التطورات الأخيرة جاءت بعد جولة من الهجمات المتبادلة بين الطرفين، حيث أعلنت إيران تنفيذ ضربات صاروخية طالت عدة مواقع الكيان المحتل في تل أبيب ومحيطها، بينما ردّت إسرائيل بضربات عسكرية استهدفت مواقع داخل إيران، وأسفرت عن سقوط قتلى ودمار طال منشآت حساسة. وتزامنًا مع ذلك، حذرت الحكومة الإسرائيلية من استمرار التهديد النووي الإيراني، في حين أكد الرئيس الإيراني ، مسعود بزشكيان، أن طهران لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، مستندًا إلى فتوى دينية تحظر تصنيع واستخدام أسلحة الدمار الشامل كما أن بلاده مستعدة للحوار .
روسيا، التي تُعد واحدة من القوى الدولية القليلة التي تحتفظ بعلاقات قوية مع كل من إيران وإسرائيل، سارعت إلى الإعلان عن استعدادها للوساطة بين الطرفين، وقدّمت عرضًا يتضمن إعادة طرح مشروعها القديم القائم على نقل اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب إلى الأراضي الروسية لتحويله إلى وقود نووي للاستخدام المدني. الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أكد أن المقترح لا يزال مطروحًا، وأن موسكو ترى ضرورة تجنّب المزيد من التصعيد. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى بالفعل مكالمات مباشرة مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، داعيًا إلى التهدئة والعودة إلى المسار الدبلوماسي.
في المقابل، لا تبدو إيران مرتاحة تمامًا لفكرة الوساطة المنفردة من موسكو، وقد ألمحت مصادر إيرانية رسمية إلى ضرورة إشراك أطراف إضافية مثل سلطنة عمان وقطر وتركيا في أي جهد تفاوضي قادم. أما إسرائيل، فهي تواصل ضغطها الدولي لتشديد العقوبات على طهران، وتلوّح بخيارات عسكرية واسعة في حال استمر ما تسميه “الخطر النووي الإيراني”، رغم أن التصريحات الإيرانية الأخيرة جاءت بنبرة مهدئة نسبيًا.
سيناريوهات محتملة للمرحلة المقبلة
1. سيناريو التهدئة المشروطة: قد تنجح الوساطة الروسية، إذا تم توسيعها لتشمل أطرافًا إقليمية ودولية محايدة، في إقناع إيران بتجميد أنشطة التخصيب الحساسة مقابل تخفيف الضغوط الغربية، وضمانات بعدم استهداف منشآتها مستقبلاً.
2. سيناريو التصعيد المحدود: إذا واصلت إسرائيل ضرباتها المحددة في الداخل الإيران، وردّت الأخيرة باستهداف مصالح إسرائيلية إقليمية دون الذهاب إلى مواجهة مباشرة، قد ندخل في مرحلة “تصعيد تحت السيطرة” تستمر لأسابيع.
3. سيناريو الحرب الشاملة: في حال حدوث ضربة إسرائيلية كبيرة تطال منشأة نووية أو مركزًا سياديًا إيرانيًا، وردّت طهران برد مباشر على الأراضي الإسرائيلية، فقد يؤدي ذلك إلى حرب مفتوحة تدخل فيها أطراف مثل حزب الله أو جماعات محور المقاومة الموالية لطهران ، مما يشعل المنطقة بأكملها.
4. سيناريو المفاوضات غير المباشرة: قد تظهر نافذة للحوار عبر قنوات خلفية، برعاية موسكو وبعض الدول الإقليمية، تؤدي إلى استئناف شكل جديد من مفاوضات الاتفاق النووي، مع شروط أكثر تعقيدًا للطرفين.
في المحصلة، لا تزال المنطقة تقف على حافة الخطر، والتطورات تتسارع بوتيرة توحي بأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، إما في اتجاه إخماد النيران، أو اشتعالها بالكامل والايام المقبلة تخبأ لنا الكثير.
خاص وكالة رياليست – عبدالله الصالح – كاتب، باحث ومحلل سياسي – العراق.