موسكو – (رياليست عربي): تشهد المنطقة العربية تصاعداً غير مسبوق في حدة التوترات بين إيران وإسرائيل، حيث يبرز دور جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن كأحد العوامل المؤثرة في هذا الصراع الإقليمي المتشعب.
وتؤكد التقارير الاستخباراتية الأخيرة أن الحوثيين يلعبون دوراً محورياً في استراتيجية إيران لخلق جبهات متعددة ضد إسرائيل، مما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وتمتلك جماعة الحوثيين ترسانة صاروخية وبالستية متطورة تهدد بشكل مباشر المصالح الإسرائيلية في المنطقة، حيث أعلنت الجماعة عن تنفيذ عدة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة ضد أهداف إسرائيلية في الأشهر الأخيرة، وتشير التحليلات العسكرية إلى أن هذه الهجمات تتم بتنسيق كامل مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يزود الحوثيين بالتكنولوجيا العسكرية والخبرات اللازمة لتطوير قدراتهم الهجومية.
من الناحية الاستراتيجية، يمثل الدعم الإيراني للحوثيين جزءاً من سياسة “تصدير الثورة” التي تنتهجها طهران منذ عقود، حيث تسعى إلى إنشاء حلفاء إقليميين قادرين على تنفيذ أجندتها دون التورط المباشر، وفي هذا السياق، أصبح اليمن ساحة جديدة للصراع الإيراني-الإسرائيلي، بعد لبنان وسوريا والعراق، مما يوسع من نطاق المواجهة ويجعلها أكثر تعقيداً.
على الصعيد العملياتي، تمكن الحوثيون من تطوير قدراتهم العسكرية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث أصبحوا يمتلكون صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى عمق الأراضي الإسرائيلية، كما أظهرت الهجمات الأخيرة دقة متزايدة في استهداف النقاط الحيوية، مما يدل على تطور تقني كبير في منظوماتهم العسكرية بفضل الدعم الإيراني المستمر.
رداً على هذه التهديدات، عززت إسرائيل من دفاعاتها الجوية في المناطق الجنوبية، كما قامت بعدة ضربات استباقية ضد مواقع حوثية في اليمن، وتشير مصادر إعلامية إلى أن تل أبيب تعتبر الحوثيين تهديداً استراتيجياً يجب التعامل معه بحزم، خاصة بعد تزايد وتيرة الهجمات ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
من الناحية السياسية، يثير تصاعد دور الحوثيين مخاوف دولية واسعة، حيث حذرت عدة دول من تداعيات توسع نطاق الصراع الإيراني-الإسرائيلي إلى اليمن، وتخشى الدول الغربية من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية في باب المندب، أحد أهم الممرات المائية في العالم، مما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.
على الجانب الإقليمي، تتفاوت مواقف الدول العربية من دور الحوثيين في الصراع الحالي، فبينما تدعم بعض الدول الجهود الإسرائيلية لمواجهة التهديد الحوثي، تعتبر دول أخرى أن الحل يجب أن يكون سياسياً عبر إيجاد تسوية للصراع في اليمن، وتؤكد هذه الانقسامات عمق الخلافات العربية حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني وتدخلاته الإقليمية.
من الناحية الإنسانية، يدفع المدنيون اليمنيون ثمناً باهظاً لهذا التصعيد، حيث أدت الضربات الإسرائيلية إلى تدمير البنية التحتية في عدة مناطق، كما أن الحصار المفروض على اليمن يفاقم من معاناة السكان، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع انتشار المجاعة والأمراض بسبب استمرار الصراع.
في الختام، يبدو أن دور الحوثيين في الصراع الإيراني-الإسرائيلي سيتعاظم في الفترة المقبلة، خاصة مع تزايد الدعم الإيراني وتطور القدرات العسكرية للجماعة، وهذا التطور يطرح تحديات كبيرة على المجتمع الدولي، الذي أصبح مطالباً بإيجاد آليات فعالة لاحتواء هذا الصراع قبل أن يتحول إلى مواجهة إقليمية شاملة تهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله.