وفي تصريح لبورصة لندن، أوضحت الشركة التركية، أن العائدات من هذا الاتفاق، ستمول قسماً من ديون الشركة لليوروبوند، والتي تقدر بـ250 مليون دولار، حيث كانت الشركة التركية، تمتلك حقوق إدارة الميناء حتى أغسطس/ آب 2028.
ما الأسباب الحقيقية وراء بيع تركيا لميناء حيوي ومهم، لقطر؟
يبدو أن الشراكة الإستراتيجية بين الحليفين “الإخوانيين” بلغت آفاق كبيرة جديدة، وصلت لحد تبادل هدايا تتمثل بإقتطاع أجزاء من البلدين وتبادلهما، كعربون صداقة، فبالنسبة لقطر هي مشيخة وآل ثاني مستمرون في الحكم “الوراثي”، لكن بما يتعلق بجمهورية تركيا، فهذا الميناء وغيره ملك للشعب التركي ولا يحق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان التصرف منفرداً دون، على الأقل إجراء إستفتاء شعبي يوافق على هذا التصرف.
لكن هذا الموقف يشي بالكثير وله أبعاد خطيرة، ما يعني أن تركيا اليوم تعاني أوضاعاً إقتصادية صعبة، فعلى ما يبدو لم تقطف أي ثمار من تدخلاتها، بل هناك من يعمل على إغراقها في بلاد الصراعات، دون أية أرباح تعود بالنفع عليها كما في الحالة السورية.
إن بيع ميناء أنطاليا الإستراتيجي قد يسدد ديون أنقرة لشركة يوروبوند البريطانية، لكنه سيخسرها في المستقبل كل أرباح عمليات الإستيراد والتصدير وعائداتهما المهمة بالنسبة للشعب التركي، إذ يعد ميناء أنطاليا، أكبر ميناء منظم على الشريط الساحلي، بين مدينتي إزمير ومرسين، الذي يقدر بحوالي بـ700 ميل بحري، ويستقبل 500 باخرة بشكل متوسط سنوياً، ويملك سعة تقدر بـ 4 ملايين طن حمولات، في هذا الصدد قال المعارض التركي، العضو المؤسس في حزب الديمقراطية والتقدم، متين غرجان: “في تغريدة على حسابه في تويتر، “حملات توزيع الخبز المجاني للمواطن، أما الموانئ والاستثمار والأموال لقطر”، ما يعني أن هناك حالة سخط شعبية واسعة جراء هذا الأمر.
هل نقل أردوغان، تركيا إلى الأسوأ؟
إن بيع موانئ وبنوك وسواحل وحتى جزر، لا يفسر إلا وأن هؤلاء الحكام يتعاملون مع بلادهم وكأنها ملكية فردية، الأمر الذي يفسر مسألة الإنقلابات التركية المستمرة، فسياسات الرئيس الأخير، كارثية بالنسبة للبلاد، حتى وإن أبدت وسائل إعلامه العكس، فمخاض تركيا الإقتصادي في السنوات الأخيرة عسير جداً، والإستدانة لا يمكن لها أن تبني إقتصاد قوي، إذ أن قوة أي دولة هي بناء إقتصاد متين وصفر ديون خارجية، وبالتالي، هذا ينقلنا إلى أن التدخل التركي في سوريا وليبيا والآن في الصراع الأرميني – الأذري، لم يعد بالنفع على أنقرة كما أشرنا أعلاه، وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل كانت هذه خطة واشنطن منذ البداية تجاه تركيا؟، نعم يبدو أن الإدارة الأمريكية وتحالفها المتين “ظاهرياً” مع نظام رجب طيب أردوغان قد ساهم بشكل غير مباشر إلى إغراق تركيا لتحصد شر تدخلاتها خاصة وأن أغلب مشاكلها مع دول الجوار، فلن تنفع تركيا طائرة البوينغ المقدمة من أمير قطر لحليفه أردوغان إذا ما هب الشعب التركي الذي بدأ يتحسس الخطر المقبل عليه بفعل سياسات الحزب الحاكم في البلاد.
من هنا، إن بيع ميناء أنطاليا خطوة غير مدروسة وخطوة في الإتجاه الخطأ، وسيتلقف الشعب التركي ثمناً باهظاً جراء هذا الأمر، ما يعني أن عام الإنتخابات الرئاسية 2023، قد يكون عام إنتهاء حقبة أردوغانية السوداء، لجهة التعامل مع الملفات الداخلية، فلقد طغى الوضع الخارجي على تركيا الداخل، وبدأت أنقرة تقع في محظورات سياسة سلبية لم تثمر إلا العداء على الصعيدين الداخلي والخارجي.
فريق عمل “رياليست”.