ذكرت صحيفة حريت التركية أن أنقرة رفضت اقتراح مصر لوقف إطلاق النار في ليبيا قائلة إنه يهدف إلى إنقاذ خليفة حفتر بعد فشل هجومه لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس، وكانت قد دعت مصر إلى وقف إطلاق النار اعتباراً من يوم الاثنين الماضي من الشهر الجاري، في إطار مبادرة تقترح أيضا مجلس قيادة منتخبا لليبيا، ورحبت روسيا والإمارات بالخطة بينما قالت ألمانيا إن المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة أساسية لعملية السلام، لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو رفض الاقتراح، وذلك طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
يأتي الرفض التركي للمبادرة المصرية، على حسب زعم جاويش اوغلو، وزير الخارجية التركي، لجهة عدم موافقة كل الأطراف مجتمعة على هذه المبادرة، التي نعاها مباشرةً قبل أن تُدرَس أو تناقش من الأطراف المنخرطة في الملف الليبي، علماً أن المبادرة هي من ضمن الحل السياسي الرامي إلى وقف الإقتتال بالمقام الأول وليس مبادرة إنقاذ لقوات شرق ليبيا بقيادة الجنرال حليفة حفتر.
ويبدو أن تركيا، لاعب يحاول أن يستحوذ على القرار الليبي لجهة الدعم الأمريكي – الأوروبي المقدم له، ليصار إلى مواجهته بالمنظور العام، وليكون المحور الرئيس طرف يحرك الأوضاع تحت الطاولة، فمسألة شيطنة روسيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة للأسباب التي تم الحديث عنها مراراً، وغض النظر عن المرتزقة السوريين الذين جلبتهم المخابرات التركية مع وجود دلائل ووثائق تؤكد أن التعتيم الحاصل حول المساعي التركية في ليبيا تصب في المقام الأول بإخراج داعمي قوات شرق حفتر من روسيا إلى مصر ودولة الإمارات، وهذا قرار يبدو أن لا رجعة عنه.
وكان قد صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لتلفزيون الخبر التركي بأن بعض الفصائل الإرهابية الموجودة في سوريا، تسعى إلى إفشال إتفاق موسكو المبرم بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، مؤكداً أن حكومة بلاده على وفاق مع البعض الآخر من التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، والذي تم نقل جل عناصره إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.
إن ازدواجية المعايير التي تمارسها تركيا في ليبيا ضمن الإرث العثماني الذي كان يسيطر على هذه البلد وكان هناك عداء قديم بين الدولة العثمانية وإيطاليا في هذا الخصوص، يبين التوافق الحالي، بأن الإستعمار القديم يحاول إستعادة أمجاده حتى ولو بالشراكة، ضارباً عرض الحائط كل المبادرات الأخرى، وهنا على مصر أن تقيّم دورها الإقليمي وأن تفعل ما هو صواب لأمنها القومي، فهذا التعنت التركي ومن معه، إن لم يتم مواجهته ومجابهته، فاليوم ليبيا وغداً الجزائر وبعد غد لن تكون مصر وجوارها في مأمن.
من هنا، على مصر أخذ زمام المبادرة وتسخير كل القوى العربية والحلفاء الغربيين وفي مقدمتهم روسيا، في وجه تركيا، التي دمرت سوريا بحجة حماية أمنها القومي، فالمطلوب من مصر أن تتيقظ وتنتبه للخطر المحدق بها، والذي لن ينتهي إلا بقطع رأس الأفعى وإخراج تركيا من المعادلة الليبية أو على الأقل أن يكون الحضور العربي والروسي في سوية متقاربة لإحداث توازن دولي وإقليمي يضع ليبيا على سكة الحل السياسي، بعيداً عن المعارك والإقتتال.
فريق عمل “رياليست”.