اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، جون بولتون، أن رغبة الرئيس الأميركي جو بايدن بالعودة للاتفاق النووي مع إيران “كارثية”، مشدداً على أن طهران “تمثل خطراً أساسياً على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وأوضح بولتون أن “الاتفاق النووي الأصلي المبرم في 2015، لم يكن اتفاقاً جيداً لأنه لم تكن لدينا أية أدلة من إيران منذ البداية على أنها قررت بالفعل التخلي عن السلاح النووي، والاتفاق نفسه سيتيح لها مواصلة تخصيب اليورانيوم وهذا خطأ جسيم، فهو يتيح لها الكثير من التخصيب والقيام بـ70 بالمئة من عملها للوصول لسلاح نووي. لقد ارتكبت إيران بالفعل العديد من الانتهاكات خلال ذلك الاتفاق في مسعاها لمواصلة برنامجها النووي وإخفاء الكثير عنا”.
الخلاف الجمهوري – الديمقراطي
إن الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول إبراز نفسها، على حساب أخطاء الإدارة السابقة، من خلال إلغاء معظم القرارات التي كان فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة تجاه سياسة الضغط الأقصى التي كان ينتهجها ضد إيران، وبحسب بولتون كانت سياسة فاشلة، وبالتالي يسعى بايدن وإدارته اليوم إلى إدارة الملفات بشكل أخف وأقل حدة عن سلفه، نظراً لعمق الهوة بين الرئيسين، فما ينتهجه بايدن حالياً أشبه بسياسة (الشدة واللين) لكن أياً منها إلى الآن لم تحقق نتائجها وهو يقترب من نهاية شهره الثاني في البيت الأبيض.
وبدل من أن ينتهج الرئيس الديمقراطي قرارات جديدة تكون شديدة بما يتعلق على سبيل المثال بالحوثيين، لكنه أزالهم عن لائحة الإرهاب الدولي، كذلك الأمر انتقل إلى السعودية معيداً فتح قضية “جمال خاشقجي” وملف حقوق الإنسان، إضافة إلى الحديث عن عودة واشنطن إلى مجلس حقوق الإنسان، وهذا بطبيعة الحال بطريقة أو بأخرى هو لصالح إيران.
أما العودة إلى الاتفاق النووي الذي كان قد ألغاه الرئيس الجمهوري السابق، سيعود حتماً لمضامين العام 2015، لأنه سبق وأعلنت طهران لن تقبل بأية شروط جديدة خاصة تلك المتعلقة بالأسلحة الباليستية المتطورة، ليس هذا فقط، بل لن تقبل بزيارات تفتيشية دون إذنها، ما يعني أن الموقف الإيراني حاسم في هذه الجزئية، وبالتالي ما الذي يريده بايدن؟ وماذا سيكسب من هذا الأمر؟
فوضى الشرق الأوسط
إن ما يريده الرئيس بايدن هو إحلال الاستقرار في فترة ولايته أي في الأربع سنوات المقبلة من خلال تهيئة الأجواء بكل دول الصراع، الولايات المتحدة الأمريكية دائمة الحديث عن الخيار العسكري في أغلب الملفات التي تعتبرها ملفات ساخنة، لكن عملياً لم تدخل في حرب مفتوحة منذ العام 2003، حتى أن إسرائيل كانت قد صرحت أنها لن تسمح بإتمام الاتفاق النووي على حساب تطوير الأسلحة الباليستية وبالتالي، إن ما تفكر به الإدارة الأمريكية الجديدة أبعد ما يكون عن منطقة الشرق الأوسط، الفوضى منتشرة وتحتاج سنوات طوال لعودة الاستقرار، من جهة ضمنت واشنطن، أن تبقي مسافة بينها وبين موسكو من خلال العودة إلى اتفاقية “نيوستارت”، كذلك الأمر هناك هدوء نسبي بينها وبين الصين، ومع إيران الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن الخيار العسكري ليس من ضمنها.
وبالتركيز على الملفات الأبعد مسافةً من الشرق الأوسط، نجد أن تركيز الولايات المتحدة يذهب باتجاه أوكرانيا وما حولها، من خلال دعم كييف، أيضاً القارة السمراء، فهناك معلومات تتحدث عن نية أمريكا بإنشاء قاعدة عسكرية لها في السودان، حيث وصلت سفينة استطلاع ومدمرة حربية قبل يومين، وهي المرة الأولى منذ 25 عاماً، فالأمور الظاهرة للعيان، ليست الهدف الأكبر لواشنطن، لأنها بطبيعة الحال تستحوذ على الشرق الأوسط سواء سوريا أو العراق أو ليبيا وقواعدها المنتشرة في كل دول الخليج، لنصل إلى نتيجة أن المنطقة هذه ليست أولوية حالياً للبيت الأبيض، بل أفريقيا والقوقاز.
أخيراً، إن كثرة الحديث عن الاتفاق النووي وعن إيران وعن أنشطتها وما تمارسه لا يعني أن ذلك غير خطير، ولا يجب التنبه له، لكن عندما تريد أمريكا صرف الأنظار للإطباق على مناطق أخرى ترفع سقف المباحثات والزيارات والتصريحات، فإن كان دونالد ترامب صريحاً من خلال نسفه لكل اتفاقية لم يكن يراها مناسبة، فإن سياسة خلفه هي سياسة “الحرب الناعمة” والإطباق على كل شيء وللحفاظ على الشرق الأوسط ليس أفضل من الحديث الدائم عن إيران وخطرها على المنطقة، بينما المخططات الأمريكية بدأت تتوسع في قارات ومناطق أخرى.
فريق عمل “رياليست”.