دمشق – (رياليست عربي): فجر السابع من تشرين الاول 2023، أطلقت حركة حماس عملية “طوفان الأقصى”، والتي جاءت رداً على اعتداء القوات الإسرائيلية والمستوطنين بشكل متواصل على الشعب الفلسطيني ومقدساته، والتي زادت حدتها بشكل ملحوظ منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً في كانون الأول 2022 بقيادة بنيامين نتنياهو.
وفي أعقاب عملية طوفان الأقصى، أطلقت القوات الإسرائيلية عملية “السيوف الحديدية”، وشنت غارات مكثفة على مناطق عدة في قطاع غزة الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني، الذين يعانون أصلاً أوضاعاً معيشية متدهورة من جراء الحصار الإسرائيلي، واستهدفت المدنيين، وعملت على تهجيرهم قسراً، واستخدمت أسلحة محرمة دولياً مثل الفسفور الأبيض، وقصفت المستشفى الأهلي العربي المعمداني، وسقط مئات الضحايا في تصعيد شديد الخطورة يشكل نقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
في ضوء ما سبق من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، كان لابد من تتبع ورصد الموقفين الروسي والصيني من الحرب على غزة، فالموقف الروسي من العملية العسكرية لحماس والعدوان الإسرائيلي على غزة، بدا الموقف متناقضا بعض الشيء، وبحسب وصف دبلوماسي روسي سابق، فإن روسيا التي فوجئت كما فوجئ العالم بحجم عملية حماس قد اتخذت بعد تمهل قصير موقفاً يشدد على الخط العام للرؤية الروسية للصراع في المنطقة. فجوهر المدخل الروسي يقوم على ضرورة احترام القرارات الدولية والانطلاق من أهمية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل.
في الأسبوع الأول من العدوان على غزة، كان الموقف الرسمي الروسي يدين بشدة انعكاسات المواجهة المتفاقمة مع الغرب. ففي أول تعليق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ركَّز على “فشل سياسات واشنطن في الشرق الأوسط”، حيث قال خلال أعمال منتدى اقتصادي: “احتكرت الولايات المتحدة القرار بشأن التسوية، وأبعدت الأطراف الأخرى، ماذا كانت النتيجة؟ فشلت في تطبيق القرارات الدولية ووضع حدٍّ للمواجهة المتفاقمة وأسْفرت سياساتها عن الوضع الحالي”. كما انتقد بوتين، في عبارة لافتة، الوعود الأمريكية الكثيرة بـ ”رخاء اقتصادي” في مقابل التنازل عن حقوق وطنية، وقال إن تلك الوعود لم تنجح في إقناع شعب فلسطين بإنهاء جوهر المشكلة التي تقوم على احترام حقه في بناء دولته وتقرير مصيره.
وهكذا اتضح أن المدخل الروسي للتعليق على الحدث انطلق من ضرورات حشد كل الأدوات لتعزيز الانتقادات للمواقف الغربية. وكل ما تلا ذلك من تصريحات ودعوات جاء في هذا الإطار، من دون أن يحمل تلويحا جادا بتقديم عون اقتصادي أو إغاثي أو سياسي لحماية سكان غزة.
سُئل الرئيس الروسي في ندوة حوارية عن موضوع التهجير، فقال: إلى أين يذهبون؟… هذه أرضهم. بينما وبعد أيام من هذه التصريحات قال بوتين أمام قمة رابطة الدول المستقلة، في بشكيك عاصمة قرغيزيا، إن استخدام المعدات العسكرية الثقيلة في المناطق السكنية يحمل تداعيات، في الوقت الذي سيكون فيه تنفيذ تلك العملية من دون المعدّات أكثر صعوبة.
من الواضح أن موسكو لا زالت تتعامل مع الملف ليس بصفته حدثا كبيرا يمكن أن يغير المنطقة والعالم، بل باعتباره ورقة من أوراق المواجهة مع الغرب، أي أن موسكو ليست مقتنعة بأن التحرك الإسرائيلي الحالي المستند إلى دعم غربي واضح وكامل يقوم على وضع مقدِّمات لإيجاد حل نهائي للمسألة الفلسطينية، بل باعتبار المواجهة الحالية “واحدة من حلقات الصراع المتكررة. وهذا في الواقع ما بدا من تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، عندما قال إن روسيا تأمل أن يأخذ الجميع على محمل الجد الالتزام بإنشاء دولة فلسطين، بعد انتهاء المرحلة الساخنة من الصراع الحالي في الشرق الأوسط. وشدّد لافروف على ضرورة التزام طرفي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي باحترام القانون الإنساني وتجنب الاستخدام العشوائي للقوة وأن يتحلى الجميع بالمسؤولية الجدية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن إنشاء دولة فلسطينية على أساس المبادئ التي وافقت عليها الأمم المتحدة.
خاص وكالة رياليست – حلا حورية صحافية وكاتبة سورية.