هل سيحقق الإتفاق النفطي الإنفراج لليبيا؟
بعد إبرام الاتفاق النفطي بين غرب وشرق ليبيا، وقبول الأطراف بهذا الأمر رغم محاولة الكثيرين إلى تعطيله وحتى إلغائه، ذكرت مصادر عدة أن هذا الأسبوع سيشهد نهاية الإصلاحات في خطوط وأنابيب النفط التي كانت خارج الخدمة لتدخل الخدمة خلال الأيام القليلة القادمة، كحقلي الشرارة والفيل النفطيين، كما ستبدأ الشركة الوطنية للنفط بدء الإنتاج أيضاً هذا الأسبوع بواقع 260 ألف برميل يومياً، ما يعني الإنتعاش المتوقع سيكون قريباً جداً خصوصاً وأن من شرط الاتفاق التوزيع العادل للعائدات، وبالتالي تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية بشكلٍ عام، فلقد بدأ ميناء الزويتينة ببدء شحن النفط وفق ما أعلنت الشركة الوطنية الليبية، وهذا يعني أن التحكم بالإقتصاد الليبي من القوى الأجنبية أصبح أمراً من الماضي، وبالتالي عند بدء النهضة الاقتصادية سيتم علاج كل الملفات الاقتصادية لتحسين الواقع الاقتصادي على الأراضي الليبية.
هل تنجح حكومة الوفاق في كسب الشارع الليبي؟
إن الاتفاق النفطي المبرم بين نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الليبية أحمد معيتيق والقيادة الشرقية، أفضى إلى أملٍ بغدٍ إقتصادي مشرق، بعد ركود وعجز كبيرين، وخسارة ما يقارب 9 مليارات دولار جراء تعليق إنتاج النفط، وسط معارضات شديدة من رموز فساد أرادت إفشال هذا الاتفاق لما له من أهمية، على الوضع الداخلي الليبي من جهة، وعلى إنحسار الصراع من جهةٍ أخرى.
هذا الوضع ما إن يبدأ بالتحسن، حتى تتوقف المظاهرات الشعبية الغاضبة عن الخروج لتحسين الواقع المعيشي والخدمي، ولأجل تبييض صفحتها، قامت حكومة الوفاق بإعتقال عددٍ ممن أسمتهم مرتشين ومبتزين، لتحقيق توازن معين بعد الدور الذي لعبه معيتيق في إنجاح الاتفاق النفطي، الأمر الذي عجزت عنه حكومته، حيث رأت الحكومة أن مثل هذه الأمور من شأنها أن تخفف الإحتقان الشعبي ضدها، جراء ممارسة ميليشياتها ضد المدنيين، أما مسألة نجاحها في هذا الأمر، فهو متوقف على قدرتها في معالجة هذه الملفات وخاصة ملف الأسرى والمعتقلين، إلى جانب عدم التصرف بالأموال الليبية عند إقتسام العائدات النفطية، حينها من الممكن أن تكسب ثقة الشارع وثقة الشعب، وغير ذلك، لن يكون بمقدورها الصمود عندما تبدأ النهضة الاقتصادية الحقيقية شريطة تنفيذ مبدأ العدالة في توزيع الأرباح.
هل إنتهى دور الميليشيات والمرتزقة؟
لا شك بأن الاتفاق الأخير إن تم توزيع عائداته كما أشرنا أعلاه، بعدالة، سيلقي بظلاله على الأمور الأخرى، أي إنحسار الإرهاب، وعدم قدرة الأطراف التي تعمد على شراء مرتزقة لإطالة أمد الحرب الليبية، وهذا بالتالي سيخلق أوضاعاً مستجدة لدى المشغلين، ما يعني لن يكون هناك رواتب شهرية بعد فترة قريبة، ولن تستطيع الدول الضالعة في هذا الشأن التصرف بالأموال الليبية، كما كان الحال قبيل الاتفاق، ما يعني، أن دور الأجنبي بشكلٍ عام سينحسر، أو تقوم الدول المشغلة نفسها الدفع من نقود بلادها، وهذا لا يمكن له أن يتحقق، وإن تحقق فسيكون لفترة قصيرة من الزمن.
وبالتالي، وقبل طرح كل هذه الفرضيات، بدأ صراع الميليشيات بعضها ببعض يدق ناقوس الخطر، من خلال الإقتتال فيما بينهم، كما حدث من إشتباكات عنيفة في مدينة ترهونة، وزليتين وتاجورة، هذا الأمر مؤشر خطير بما يتعلق بدور تلك الميليشيات، لكن الجديد أن الاتفاق النفطي من شأنه أن يكون مدخلاً لتحقيق سلامٍ مستدام، سينعكس حتماً على واقع التواجد الهجين للمرتزقة والإرهابيين على الأراضي الليبي، ومن الممكن أن يتم العمل بين المتفقين إلى إنهاء دورهم ووجودهم وإقامة محاكمات لكل من تورط بالدم الليبي، وحتى يستقر الوضع في ليبيا، ستشهد البلاد موجة من العنف كمحاولة من هؤلاء لإثبات وجودهم وأن يكونوا طرفاً بالمعادلة السياسية المقبلة، لكن التوقعات تشير إلى أن ذلك لن يحدث على الإطلاق بعد الدور السلبي الذي قاموا به طيلة سنوات الحرب الليبية.
وبموازاة ذلك، أعلن الجيش الوطني الليبي القضاء على أمير تنظيم داعش في أفريقيا، وقال الناطق باسم القوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري، “بعد استيفاء التحقيقات والقبض على داعشي آخر في منطقة غدوة وجمع الأدلة، تبين أن المقتول هو أبو معاذ العراقي والمكنى كذلك أبوعبد الله العراقي وهو زعيم تنظيم “داعش” في شمال إفريقيا ودخل ليبيا بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول 2014 مع التكفيري عبد العزيز الأنباري بجوازات سفر ليبية مزورة عن طريق تركيا حيث كلف الأنباري حينها أميراً للتنظيم في ليبيا وأبو عبدالله مساعداً له بتكليف مباشر من أمير التنظيم أبوبكر البغدادي”، وأضاف، “وبعد مقتل الأنباري من قبل الجيش الليبي في أحداث درنة عام 2015 تم تكليف أبو عبدالله العراقي زعيما للتنظيم في شمال أفريقيا”.
هل يصبح معيتيق بديلاً عن السراج؟
كثرت في الآونة الأخيرة الأقاويل حيال شخص نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق أحمد معيتيق، وهو رجل أعمال، لا ينتمي إلى أحزاب دينية، على عكس رموز ساسة حكومة الوفاق الأخرى المنتمية لتنظيم الإخوان المسلمين، حول أنه إستطاع ما عجزت عنه حكومته طيلة سنوات الحرب عن تحقيقه، من خلال إنجاح الاتفاق النفطي، وبالتالي هذا مدخل لأن يتم لاحقاً التفكير الجدي نحو سلام بين الطرفين الليبيين، وهذا أمر متوقع رغم أنه سيلقى معارضات كثيرة، لكن في مسألة تحسين الاقتصاد سيكون من السهل التعامل معه لاحقاً.
لكن لإنجاح هذه المهمة لن يكون هناك أفضل من معيتيق الذي أثبت قدرته على أن يكون رجل قيادي فذ، مهتم ببلاده وقضايا شعبها على عكس السراج الذي أثبت للعالم أجمع أنه تابع لأنقرة، ينفذ كل ما تريده، حتى ذكرت معلومات أن سبب أزمة ليبيا الاقتصادية كانت بسببه، لكثرة الأموال المحولة إلى الداخل التركي، أما فيما يتعلق بوزير الداخلية فتحي باشاغا الإخواني وذو الأصول التركية والوكيل لإخوان مصراته لن يحقق النجاح في دور أعلى سياسياً جراء لفظ الشارع الليبي للإخوان، رغم أنه إستطاع إستمالة الشعب الليبي في المظاهرات السابقة من خلال إعلان إستقالته، لكن ذلك لن يكون مبرراً لإستبدال السراج بآخر ولائه تركي لا ليبي.
من هنا، إن الأخبار الليبية بدأت تتحول لتحقق نقلة نوعية سواء في الاقتصاد أو في العملية السياسية المقبلة، فإن صدقت التوقعات، إن ليبيا مقبلة على إستقرار سياسي وإقتصادي، ودور بارز للجنرال خليفة حفتر على الصعيد الدولي وبقبول ورضى غربي، ما يعني أن الخاسر الوحيد في هذا الوضع هو تركيا وقطر، وهذه حقيقة إن تجنب عقلاء ليبيا صراع لا طائل منه سوى تدمير البلاد.
فريق عمل “رياليست”.