بين حرائقٍ طالت محميات واسعة في سوريا، بفعل الحر، أو بفعل فاعل، وزيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى دمشق لكسر الحصار الاقتصادي، يواصل محور واشنطن ما بدأه منذ إعلان تدخله في الأزمة السورية، وسط حالة حرب سياسية وتصالح على أرض الميدان.
من المسؤول عن إشعال غابات سوريا؟
تعيش سوريا مع بداية شهر سبتمبر/ أيلول الجاري موجة حر تضرب البلاد، الأمر الذي أضرم حرائق عدة في عدد من المناطق الحراجية، والبعض الآخر كان جراء إهمال غير مقصود، وأما الجزء الخطير أن بعض الحرائق كانت متعمدة لأسباب كثيرة لكن أبرزها الجشع وبيع مادة الفحم التي تخلفها الأشجار المحروقة، خاصة أشجار السنديان.
وكانت قد أعلنت وزارة الداخلية السورية أنها ألقت القبض على بعض المتورطين، والمتسببين في هذه الحرائق، بينما لا يزال التحقيق جارياً لكشف جميع الملابسات.
هل تستطيع روسيا فك الحصار المفروض على سوريا؟
تساءلت العديد من الأوساط الإعلامية والسياسية عن توقيت زيارة الوفد الروسي السريعة إلى دمشق وطرح كل تفاصيل الزيارة في مؤتمر صحفي، وضّح أبرز الأهداف المعلنة، إلا أن الشعب السوري بات يستوعب أن التصريحات التي يدلي بها المسؤولون السياسيون لأي بلد وحتى سوريا نفسها، تتحدث عن واقع، بينما الواقع على الأرض مغاير لكل المشاريع الاقتصادية والاستثمارات الواعدة التي تم الحديث عنها، وهذه الاستثمارات تتطلب أرضية آمنة واستقرار اقتصادي ودعم مالي وكثير من الأمور.
إلا أن البعض الآخر رأى في هذه الزيارة، أنها جاذبة للاستثمارات الغربية وعدم الخوف من مسألة العقوبات المفروضة على سوريا، من خلال طرح موسكو المشاريع التي ستنفذها ومنها مشاريع في مجال الطاقة وبناء البنى التحتية في سوريا. ومن الجانب السياسي أكدت روسيا رفضها لأي مشروع انفصالي وأن ما يتم الحديث عنه في الشرق السوري لن يتحقق، معلنة في ذات الوقت عن استعدادها لدعم أي حوار مستقبلي في إشارة لـ “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”.
ما الرابط بين إسرائيل والجنوب السوري؟
يهدأ الجنوب السوري لفترة ثم يعود الوضع إلى توتر ملحوظ، بين الآونة والأخرى، ومن المعروف ان هذه الجبهة هدأت بفعل مصالحات تبناها الجانب الروسي وتم سحب السلاح الثقيل من كل الفصائل التي قبلت بالمصالحة، لكن حوادث اغتيالات قيادات من الجيش السوري أصبحت أمراً يريد به هؤلاء المنفذون أن يعتاد عليه أهالي المنطقة، فلقد أقدم ملثمون على دراجة نارية بإطلاق نار مباشر على العميد الركن بالفرقة الخامسة في الجيش السوري طلال قاسم، في بلدة بصر الحرير بريف درعا الشرقي، والذي قضى نحبه على الفور، وقبل قرابة الأسبوع قام مجهولون بإطلاق النار المباشر على الضابط برتبة مساعد ويدعى علي ابراهيم ابو حيدر وذلك في مدينة نوى بالريف الغربي للمحافظة، وكان يشغل المسؤول عن الدراسات في قسم الأمن العسكري في مدينة نوى، الا انه نجى من الموت.
يأتي ذلك إلى حدٍّ ما بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي مؤخراً على حلب واستهدافه مبنى البحوث الفارغ منذ سنوات، لا رسالة منه إلا أن تل أبيب لا تزال تدعم التنظيمات الإرهابية وتخبرهم بأنها إلى جانبهم، فلم تحقق مبتغاها في أي من عدوانها المتكرر، فلقد صدت الدفاعات الجوية السورية أغلب الصواريخ الإسرائيلية قبل وصولها إلى هدفها، إلا أن الأمر اللافت هذه المرة أنه تم تسريب معلومات تتحدث عن استخدام إسرائيل للأجواء العراقية لتنفيذ العدوان الأخير، الأمر الذي يوضح أمور كثيرة خاصة موقف رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي الذي يبدو أنه قرر إبرام تحالفات جديدة تتوافق والمشاريع الموعود بها أبرزها “مشروع الشام الجديد”.
هل ينجح الإرهابيون بتنفيذ هجوم كيميائي جديد في إدلب؟
نفذ الطيران الحربي السوري عدداً من الغارات على الأطراف الغربية من مدينة إدلب، مستهدفاً أحد المقرات التابعة لمسلحي هيئة تحرير الشام، الواجهة الحالية لتنظيم جبهة النصرة، محققاً إصابات مباشرة في صفوفهم، وذلك بعدما رصدت أجهزة الاستطلاع، تحركات معادية حول أحد المقرات ضمن إحدى المزارع المنعزلة غربي مدينة إدلب، وحركة دخول وخروج عدد من الآليات وسيارات دفع رباعي، ما استدعى تدخل الطيران الحربي عبر 4 غارات متتالية على المقر، أسفرت عن تدميره بشكل كامل ومقتل كل من بداخله، وتحدثت المعلومات عن مقتل 11 قيادياً على الأقل من هيئة تحرير الشام.
وفي سياقٍ متصل، قال رئيس المركز الروسي للمصالحة ألكسندر غرينكيفيتش، إن المركز تلقى معلومات عن قيام إرهابيي هيئة تحرير الشام بالإعداد لاستفزاز باستخدام مواد سامة في جنوب منطقة خفض التصعيد في إدلب، وإتهام الدولة السورية، على غرار المرات السابقة، وذلك من خلال مخطط يقتضي تصوير العملية في مرتفعات جبل الزاوية وبحضور مراسلين أجانب، لنشرها لاحقاً منشورات على الإنترنت ووسائل الإعلام الشرق أوسطية والغربية، متهمين القوات الحكومية السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
هذا ما أكده مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عبر تقنية الفيديو، بالقول: “إن زيارة الموفد الأميركي، جون رابيون، إلى تركيا مؤخرا تهدف إلى تزويد استخبارات نظام الرئيس رجب طيب أردوغان والتنظيمات الإرهابية المسلحة بتعليمات مهمة وسرية، لتنفيذ هجوم بأسلحة كيميائية في إحدى مناطق محافظة إدلب، من خلال اجتماعه مع ضباط أتراك وعناصر من الخوذ البيضاء، مؤكداً دعم واشنطن لهم، حيث زودهم بتعليمات مهمة وسرية حول نية استخدام أسلحة كيميائية في إحدى مناطق محافظة إدلب والتي يوجد فيها عدد كبير من السكان المدنيين وخصوصا الأطفال، على أن يتم تحديدها من قبل عناصر تنظيم الخوذ البيضاء الإرهابي، وستكون تحت إشراف تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمخابرات التركية، وسيتم نقل المواد السامة عن طريق شاحنات الطعام والمعونات إلى الداخل السوري”.
من هنا، إن الأزمة السورية تقف على مفترق طرق، فالمجتمع الدولي بكامله يعلم حقيقة ما يحدث، لكنهم مستمرين في محاولة إخضاع سوريا عبر لي 1راعها من البوابة الاقتصادية، وزيادة الضغط عليها في هذا الجانب، لكن روسيا أرسلت كبار مسؤوليها إلى دمشق لتجدد وقوفها مع سوريا حتى إنهاء هذه الأزمة، مع وعود بانفراجات مرتقبة، من شأنها أن تقلب الأوضاع لصالح سوريا، وحتى يحدث ذلك تستمر الولايات المتحدة وتركيا بممارسة دوريهما في مناطق سيطرتهما، بين تصعيدٍ وتهدئة ليبقى الوضع “مكانك راوح”.
فريق عمل “رياليست”.