بدأ الأردن بتنفيذ الإتفاقية الموقعة مع إسرائيل في العام 2016، بإستيراد الغاز الطبيعي، من خلال ضخ تجريبي يستمر لثلاثة أشهر، كما جاء على وكالة بترا الأردنية الرسمية.
يبدأ ضخ الغاز الإسرائيلي التجريبي إلى الأردن وفقاً للمتطلبات الفنية والعقدية بين الجانبين، من شركة نوبل جوردان ماركيتنغ، من حقل ليفياثان على سواحل البحر المتوسط حيث سيتم تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز ولمدة 15 عاماً، إعتباراً من بداية العام 2020. على الرغم من تأمين حاجة الأردن من مادة الغاز، رغم الإختلافات السياسية بين عمّان وتل أبيب، تلقف الشعب الأردني هذه الإتفاقية بغضب عارم من خلال بيانات وإعتصامات منددة، فيما إعترض مجلس النواب الأردني على ذلك، ووقع 58 نائباً من أصل 130 مذكرة لإلغاء هذه الإتفاقية. ورغم الرفض الشعبي والحكومي لهذه الإتفاقية، إلا أن محكمة الأردن الدستورية إعتبرت أن هذا الاتفاق تجاري بين شركتين وليس بين حكومتين في أول تبرير تطبيعي على الصعيد الرسمي الأردني.
إذ رأت جهات ومنظمات شعبية واسعة أن هذه الإتفاقية هي خيانة واسعة للموقف الأردني الرافض التطبيع من إسرائيل تحت أي مسمى على الرغم من تأمين السوق الأردنية لهذه المادة بسعر أرخص مما قد تستورده من السوق العالمية.
إذ لم يستقر الوضع بين إسرائيل والأردن منذ فترة ليست بقصيرة حيث هددت الحكومة الإسرائيلية الأردن بوقف تدفق المياه ومن ثم ضم غور الأردن إلى إسرائيل وبناء المستوطنات، إلى جانب مهاجمة الملك عبدالله الثاني والعائلة الملكة الهاشمية كلها، إلا أن كل هذه الخلافات لم تقف حجر عثرة في طريق الأردن التي فيما يبدو أنها مقابل مصلحتها تنازلت عن مبادئها، ووضعت الشعب الأردني أمام سياسة الأمر الواقع، أي قبول التطبيع أسوةً ببعض الدول العربية الأخرى، فعلى عكس المغرب الذي رفض إستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً، على خلفية موقف المغرب الرسمي من القضية الفلسطينية.
لكن الحكومة الأردنية ضربت القضية الفلسطينية بعرض الحائط ونسفت معها موقفها الرافض إحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
أما على الصعيد الرسمي الحكومي، يرى سياسيو الأردن أن كلفة رفض هذه الإتفاقية مكلف للأردن لكن وسط دعوات الجمهور الغاضب إلى تظاهرات منددة يوم الغد الجمعة للعدول عن هذا القرار، قد يفرض على الأردن الرسمي تحمل كلفة إثارة الفوضى وخلق حالة من عدم الاستقرار على أراضيه، ليتفجر الوضع ويخرج عن السيطرة عقب قرارات كثيرة كإرتفاع الضرائب وما شابه ذلك التي لم تخدم الشعب الأردني بشيء، إلى جانب موقف الأردن من الأزمة السورية وإغلاق معبر جابر –نصيب مع سوريا، الذي إنعكس سلباً على الأردن بشكل عام، خاصة بعد ترميم المنطقة الحرة بين الجانبين، بسبب الإملاءات الأمريكية على الحكومة الأردنية.
من هنا، إن هذه الإتفاقية ما هي إلا مرحلة أولى من مراحل مسألة التطبيع العلني مع الحكومة الإسرائيلية، ولن تكون الأخيرة، فعلى الرغم من الأردن قادر على إستيراد الغاز المصري مثلاً، إلا أنه فضّل الغاز الإسرائيلي ليس توفيراً على الشعب الأردني بقدر ما هو نسف للقضية الفلسطينية التي تبنتها عمّان لسنواتٍ طويلة، لتكون هذه الخطة نصراً جديداً يسجل لإسرائيل على حساب الشعوب العربية المستضعفة والمتضررة من وجود إسرائيل في المنطقة.
فريق عمل “رياليست”