قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن وفداً روسياً سيصل إلى تركيا اليوم السبت لإجراء محادثات تهدف لوقف “عدوان” الحكومة السورية حسب تعبيره، والحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
إن العنتريات التركية لم تعد تجدي نفعاً لا ميدانياً ولا على الصعيد السياسي، الآن هناك تسع نقاط عسكرية تركية محاصرة من قبل الجيش السوري، يأتي ذلك بعد توسيع رقعة الأمان نتيجة التقدم المستمر للقوات السورية، وتحرير عشرات المناطق والقرى والبلدات، ولعل أهمها مدينتي معرة النعمان وسراقب الإستراتيجيتين، فجل ما بإستطاعة النظام التركي فعلهن في ظل التطورات الأخيرة هو الانسحاب الآمن بعد مقتل 8 جنود أتراك مؤخراً، ومسألة نشر آليات ومدافع في إدلب بعد دخول أرتال عسكرية تركية لن يوقف الجيش السوري من إستكمال التحرير، فهناك عشرات التجارب التي تتحدث عن الهدن التي طلبتها أنقرة، ونقضتها ووكلائها من خلال الخروقات المستمرة.
إن زيارة الوفد الروسي إلى أنقرة، لن تغير من واقع الحال شيء، وإن توصل الجانبان إلى إتفاق ما حول هدنة مرتقبة، تكون روسيا في هذه الحالة مرتهنة لإتفاقياتها الاقتصادية لا لقيمها السياسية، خاصة بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخير لموسكو، فالجميع بات يعلم أم مبدأ الهدن عبارة عن إعادة تموضع وإمدادات عسكرية ولوجستية للتنظيمات الإرهابية المسلحة، لا خوفاً على الوضع الإنساني الذي يتشدق به النظام التركي كلما حُشر في الزوايا نتيجة تدخلاته التي خالف بها القانون الدولي خاصة تصرفاته الأحادية الجانب كما في إتفاقية أضنة التي تنص على إلزامه بضرورة التباحث مع الدولة السورية لا التصرف منفرداً.
يقيناً يدرك التركي خسارته في الشمال السوري، ولذلك يعمد إلى تجميع العدد الأكبر من المرتزقة لإستكمال نقلهم إلى ليبيا، خاصة وأن معلومات ذكرت أن هنالك ما قوامه 1200 إرهابي تم تدريبهم في معسكرات بمدينة إزمير التركية ليصار نقلهم إلى مطار مصراته وإنخراطهم في المعارك الدائرة هناك، بالتعاون والتنسيق مع قطر، وإرسال 50 مدرباً تركيّاً من شركة “صادات” التركية والمقربة من الحزب الحاكم، فيما يبدو أن أردوغان يحاول التورط أكثر وأكثر في الشؤون الداخلية للدول خاصة العربية منها، فالمطلوب اليوم من روسيا، هو إيجاد حل يلزم أنقرة بالإنسحاب من سوريا، أو ستكون هناك مواجهة حتمية بين الجانبين، ووقوف موسكو على الحياد أم غير مقبول بعدما تم إستهداف ضباط روس في حلب، فيما لو حدثت الهدنة لن تغير من واقع الحال أي شيء، المتغير الوحيد إن زمن التحرير سيأخذ وقتاً أطول في حال وافقت الدولة السورية عليها، وبالتالي من المؤكد أن خرق الهدنة ونسفها سيكون من جانب وكلاء أنقرة من الإرهابيين.
من هنا، إن ما يقوم به النظام التركي، هو سعي إستعماري يعمل على التقسيم كمرحلة أولى ومن ثم كسب أوراق تفاوضية بالدرجة الثانية، وأما معزوفة الوتر الإنساني، فأصبحت غير مقنعة خاصة بعد نقل أنقرة للعشرات من الإرهابيين إلى ليبيا وإن صدق الرقم الذي أعلنته تركيا حول نسبة النزوح، فهم عائلات الإرهابيين المتورطين وإلا لعادوا عبر المعابر الإنسانية التي انشأتها روسيا وسوريا، يبقى الإنتظار إلى ما سيؤول إليه الاجتماع الروسي – التركي ومشاورة الدولة السورية، لفهم وضع المرحلة القادمة فيما يخص الشمال السوري.
فريق عمل “رياليست”