أنقرة – (رياليست عربي): يعقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان مشهد الصراع في إثيوبيا، وتبني دعم جبهة رئيس الوزراء آبي أحمد في الحرب الدائرة هناك، بهدف التواجد في أديس أبابا، كبائع أسلحة غير مُبالٍ بالمجازر التي تقع بين طرفي النزاع، طالما تجني خزائن أنقرة الفارغة الأموال مقابل بيع مقاتلات “الدرونز” المستخدمة فى قصف شعب التيغراي.
ومؤخراً كشفت جبهة تيغراي المعارضة لحكومة أديس أبابا، أن الدور التركي لم يعد قاصراً على بيع الأسلحة والعتاد العسكري للقوات الحكومية، وأوفدت أنقرة خبراء أتراك يشرفون على إدارة الحرب الأهلية، من خلال تشغيل طائرات الدرون من نوع TB-2، التى باعتها شركة بايكار للقوات الإثيوبية.
وباتت تركيا النافذة الوحيدة المفتوحة في وجه آبي أحمد، بعدما دخل نظامه في عزلة دولية نتيجة تعنتها في تبنى سياسة الحوار مع المعارضة الداخلية لنظامه التي تتعاظم مع مرور الوقت، في ظل التعاطف الخارجي مع معاناة التيغراي، وسط تقارير عن انتهاكات عسكرية ترقى لوصفها بجرائم الحرب بحق سكان الإقليم.
وكعادة أردوغان في اصطياد الحلفاء، استغل المعاناة الراهنة وعزلة حكومة أديس أبابا، بهدف تمرير أهدافه في القرن الإفريقي عبر البوابة الإثيوبية حال نجاحه في تثبيت أركان نظام متصدع يعلم الجميع أن سقوطه أو حتى على الأقل التخلص من رأسه المعرقل لأي تفاهم مع مكونات المجتمع الإثيوبي مسألة وقت.
وخلال العقد الماضي، عملت تركيا على التقارب مع رباعي القرن الإفريقي ” إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي”، ويستخدم أردوغان القوة الناعمة المتمثلة في المساعدات الإنسانية والتنمية، بهدف تحقيق التغلغل السياسي والعسكري، وتمكن نظام العدالة والتنمية عبر منظمة التعاون والتنسيق التركية “تيكا”، من التدخل في شؤون دول القرن الإفريقي، ورسمت هذه المنظمة خطواتها هناك في وقت مبكر، وقامت بافتتاح مكتبها في أديس أبابا عام ٢٠٠٥.
تدخل الأتراك فى إثيوبيا عبر الوجه الناعم، يصب أيضاً في خانة مشروع أكبر يتمثل في رغبتها بالتحكم في منابع النيل الأزرق، الذي يشكل ما بين 80 ـ 85 % من إجمالي مياه نهر النيل، ما يجعل جميع دول حوض النيل البالغة 11 دولة تحت رحمة المحتل العثماني القديم.
ويعد مكتب وكالة “الأناضول” في أديس أبابا، ذراع طولى للمخابرات التركية، لتسهيل تحرك عناصرها خلف ستار إعلامي، وعندما جرى تأسيس مكتب الوكالة لتغطية شرق إفريقيا في أديس أبابا عام ٢٠١٤، أشارت التسريبات إلى أن الاستخبارات التركية تتخذ من مقر الوكالة مكتباً لعقد لقاءاتها ونشاطاتها، وتم رصد زيارات مكوكية لمسؤولين أتراك إلى هذا المقر وتتوالى منذ ذلك التاريخ.
خبير شؤون القرن الإفريقي، المحلل السوداني، عبد القادر الحيمي، يرى أن تركيا سعت لهذه الشراكة مع إثيوبيا، رغم عدم التكافؤ وميل الكفة لصالح أنقرة، لرغبة الأتراك أيضاً التحكم في خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وألقت بكامل الأوراق على طاولة آبي أحمد، بعدما أفشل الجيش السوداني، اتفاق جزيرة “سواكن” الذي عقده نظام الرئيس السابق عمر البشير مع أردوغان.
ومع دوران عجلة الحرب الأهلية في إثيوبيا، وفرض ما يشبه العزلة الدولية على آبي أحمد، وجد الأخير ملاذه الوحيد أنقرة، خصوصاً أن الصين وروسيا تتدخلان في هذا الملف بطريقة هادئة وتعملان على الوصول لحل سياسي يحقق الاستقرار المستقبلي بجمع الاطراف المتصارعة على بنود خارطة طريق تأخذ في الاعتبار مطالب التركيبة السكانية المعقدة هناك، على العكس من النظام التركي المعتاد على لعبة اصطياد أنظمة أو جبهات متصدعة تبحث عن حلفاء، على أمل إعادة تماسكها ومطالبته برد الجميل مستقبلاً، وهو رهان خاسر سياسياً أفقد أنقرة مصداقيتها فى ليبيا وسوريا وجميع الدول التى تدخلت في شؤونها، ولا زال خلافها الجوهري مع مصر خير دليل بعدما انحازت مع جماعة الإخوان الإرهابية، ضد نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
خاص وكالة رياليست.