كشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده اقترحت على الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء “المنطقة الآمنة” شمال سوريا اعتمادا على عائدات النفط السوري، جاء ذلك خلال مقابلة مع الرئيس أردوغان على قناة “خبر” التركية، حيث قال: “قلنا دعونا نبيع النفط هنا ولنقيم منطقة آمنة اعتمادا على العائدات التي سنحصل عليها من ذلك”.
“صفر” أرباح
إتسمت تصريحات الرئيس التركي في الآونة الأخيرة بكثرة التناقضات فيها، فهو في هذه المقابلة يبين أن ما يهمه من العمليات العسكرية التي قام بها في سوريا هو حماية أمنه القومي ومن ثم حماية “الإنسانية”، فبعد أن ثبت بالدليل تورط النظام التركي بإرسال الجهاديين من وإلى سوريا، إضافة لليبيا، لا يحق لأردوغان أن يحاضر في الأخلاق، فآخر مجزرة إرتكبتها قواته ووكلائه كانت قبل بضعة أيام في مدينة تل ابيض التي ناشدت الدولة السورية والإتحاد الروسي تخليصها من النظام التركي في تلك المنطقة.
وأما العرض التركي بحسب أردوغان، كان قد رفضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك الرئيس السابق باراك أوباما، ومردّ ذلك، وبالأحرى تمركز العمليات العسكرية في شمال شرق سوريا، أصبح جليّاً لما تشكله تلك المنطقة من أهمية إستراتيجية وإقتصادية إذ تشكل 90% من مخزون سوريا النفطي، وكل ما يزعج الرئيس التركي أنه ليس شريكاً للولايات المتحدة في أرباح عائدات النفط، لذلك يرى في الإنسانية أنها الهدف الأسمى لتواجده في سوريا، عبر تهجير سكان تلك المنطقة وجلب مليون لاجئ سوري وتوطينهم في أملاك الغير من أشقائهم كمرحلة أولى.
الدليل “التنقيب على الغاز”
في موازاة ذلك، إتهم الرئيس التركي، أن تنظيم داعش كان يسيطر على المناطق النفطية ومن ثم قوات قسد التي كانت تبيع النفط إلى الدولة السورية حسب زعمه، والآن الولايات المتحدة، بإستثناء بلاده، لكن الرئيس أردوغان تغافل عن ذكر الحقيقة الموثقة والتي هي أن داعش كانت تبيع النفط الخام المهرب في صهاريج إلى بلاده، وقد تم تسجيل مئات الصهاريج المحملة بالنفط في طريقها إلى تركيا، ولدى القوات الروسية في سوريا تسجيلات موثقة حول ذلك، إضافة إلى إستهدافات طالت الكثر من تلك الصهاريج، أما عن بيع قسد النفط لمن يملكه أساساً، فلقد خرجت تسريبات إعلامية كثيرة تتحدث عن بيع بعضه إلى رجل أعمال إسرائيلي كان قد زار المنطقة قبيل العملية العسكرية التركية الأخيرة. إلا أن الولايات المتحدة إستطاعت أن تنتقم من أردوغان بإخراجه من الجانب الاقتصادي، على طريقتها، جرّاء أمور كثيرة أزعجت واشنطن منه.
وما يؤكد كذب الرئيس أردوغان خلافه الأخير مع دولٍ عدّة في مقدمتها اليونان وقبرص ومصر، حول مسألة الإتفاقيات مع حكومة الوفاق الليبية وتنقيبه عن الغاز في البحر المتوسط، لأن تصل الأمور إلى مجلس الأمن جرّاء تماديه هذا، وهذا ما يؤكد أن نية أردوغان أولاً وأخيراً هي الإستحواذ على مقدرات الدول بأية طرقٍ كانت.
أخيراً، إن ما يقوم به الرئيس أردوغان، كان قد أعلنه صراحةً منذ العام 2011، وإنقلابه الكامل على سوريا، يؤكد أن الأطماع التوسعية لتركيا قائمة ولا تزال، وما حجة إبعاد الأكراد إلا سبيلاً ليدخل بسببهم البلاد، فتركيا يعيش فيها أكثر من15 مليون كردي، ولهم تجمعاتهم في ثلاث دول حدودية مع تركيا وهي إيران والعراق وسوريا، لكن المؤشرات تقول، إن الإطاحة بهذا الرئيس ستكون داخلية لعل أبرز بداياتها بدء رئيس وزراء تركيا الأسبق أحمد داوود أوغلو الإنقلاب على الحزب الحاكم، وليس آخرها لربما إغتيال أو إنقلاب جديد ستتغاضى عنه مخابرات الدول الكبرى، لتتم الإطاحة به.
فريق عمل “رياليست”