حكم وراثي
سلطت صحيفة كوميرسانت الروسية الضوء على حياة الرؤساء وشخصياتهم، من خلال كتابة مواضيع تعرّف بقادة رابطة الدول المستقلة بشكلٍ أفضل، و قادة هذه الول تكلموا عن حياتهم الشخصية و حياتهم العملية في السلطة، و بدأت كوميرسانت هذه السلسلة بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. و بعض أقواله كان من المهم التركيز عليها.
و أول أقواله هنا، عندما تكلم عن والده. فيرى الرئيس علييف مسألة انتقال السلطة وتوريثها من الأب للإبن، أمر طبيعي. مستشهدا بأن والده نقل إليه خبرته وتجربته السياسية خطوة بخطوة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، فلقد ذكر الرئيس علييف أنه في حال حدوث أي أمر له، من الممكن أن تحل محله زوجته مهريبان علييف، مشيرا إلى أنها شخصية محترفة ذات خبرة ومبادئ حيث أنها لعبت العديد من الأدوار في الأنشطة الاجتماعية والسياسية، لذلك من الممكن أن يكون لها مستقبل سياسي.
منع تداول السلطة
يرى إسماعيل شعبانوف أن أذربيجان تشبه شركة كبيرة ذات أنشطة متعددة، ومن الطبيعي أن تنتقل إدارة الشركة إلى أفراد العائلة الواحدة، لكن في عالم السياسة هذا الأمر يدعو إلى طرح بعض التساؤلات حيث توجد معارضة سياسية في البلاد، ومع ذلك السطات في أذربيجان تظهر احتقارا للمعارضة.
فلقد نوّه الرئيس علييف بأن المجتمع بحاجة إلى معارضة صحية قادرة على جذب انتباه الحكومة إلى بعض القضايا والتعبير عن النقد البناء للحكومة. ومن هنا، يرى الكاتب شعبانوف أن منع الرئيس علييف من تداول السلطة أدى إلى ارتفاع البطالة والفقر في البلاد. مضيفا، أن الرئيس علييف يريد تنظيم شكل المعارضة وفقا لرؤيته حيث لا يجب أن يكون هدفها الإستحواذ على السلطة، بل يجب أن تقتصر وظيفتها في تنبيه القيادة إلى المشكلات الموجودة وبعد ذلك تقوم بمراقبة أداء القيادة وطريقتها في إيجاد حلول لهذه المشكلات فليس للمعارضة الحق في الحصول على السلطة التي هي ملك للعائلة.
عزلة وتعصّب
ويذكر شعبانوف في مقالته، أن الرئيس علييف هو ضد الانفتاح على أوروبا، إذ يراها أنها تضع المسلمين في حبس مغلق، إلى جانب الأزمة الاقتصادية، ويعقّب الكاتب بالقول إن السجون الأذربيجانية تعج بآلاف المؤمنين والمتدينين من غير تُهم واضحة، الأمر الذي دفع بهجرة آلاف الأذربيجانيين إلى أوروبا سنويا.
ولكن أكثر ما يقلق هو التقرب الأذربيجاني من الحكومة التركية، فلقد أكد الرئيس علييف أن العلاقة مع تركيا ستكون أبدية، وستحول القرن 21، لقرن العالم التركي، وأن بلاده من الدول الداعمة للسياسة الخارجية التركية، لكن إستطرد الكاتب أن الأقليات الأذربيجانية لا يمكن لها التمتع بحقوقها في حكم الرئيس علييف.
أذربيجان وتركيا
كما وأكد الكاتب شعبانوف أن الحكومة الأذربيجانية تعمل على قمع الحريات ونشر الوهابية، والأمر الذي يبعث على التساؤل أنه لماذا يقاتل 3000 أذربيجاني في سوريا والعراق إلى جانب تنظيمات داعش وجبهة النصرة وغيرها الممنوعة في روسيا؟
إذ يرى الكاتب أن دعم الرئيس علييف لتركيا يعود إلى أنه من عشيرة ناختشيفان التي كانت مؤيدة لتركيا، حيث قامت أذربيجان بإنشاء اتحاد يشمل تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان، وأصبحت ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي مركزا للمشروع التركي بدعم من الرئيس الأذربيجاني.
العلاقة الأذرية – الروسية
يقول الرئيس علييف: “نحن نحترم اللغة الروسية ولكن الأولوية هي للغة الأم وليس هناك مكانا للمتحدثين باللغة الروسية”، إذ يُلاحَظ انخفاض عدد المتحدثين باللغة الروسية في أذربيجان كما تمت إزالة اللغة الروسية من المناهج المدرسية، بالمقابل سيطرت اللغة التركية والتلفزيون التركي والدعاية المؤيدة لتركيا في أذربيجان، خصوصا في الأرياف.
لكن بحسب الكاتب أن تحالف روسيا مع أقلية الطاليش في أذربيجان سيسمح لروسيا بإحباط هجمات حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وإفشال المخطط التركي، في إحتمال أن تتعرض أقلية الطاليش إلى الإبادة.
أخيرا، إن الرئيس إلهام علييف شخص ذكي ومتعلم ولديه غريزة سياسية والقدرة على البقاء وما يميزه هو عدم انحيازه لأي قطب من أقطاب العالم السياسية، ولكن داخليا الوضع سيء بالنسبة للشعب الأذربيجاني حيث يهاجر الآلاف منهم سنويا، ولا أحد منهم يهتم بالسياسة ولا إلى ما ستؤول إليه أحوال البلاد إذا ما بقي الرئيس علييف يتعامل مع أذربيجان كشركة تجارية تملكها العائلة.
إسماعيل شعبانوف- مدير مؤسسة الجالية الطاليشية في الاتحاد الروسي، خاص لوكالة “رياليست”