القدس – (رياليست عربي): تمر ذكرى تأسيس أول مركز استخباري للحركة الصهيونية ونواة جهاز “الموساد” الإسرائيلي في يونيو/ حزيران عام 1919، والذي كان مقره في مدينة حيفا التي تبعد عن مدينة “القدس” حوالي 158 كم ناحية الشمال الغربي على ساحل البحر المتوسط، ليمهد لإنشاء جهاز “الموساد” الذي أنشئ حركياً في عام 1937 بهدف تنشيط ومضاعفة عمليات هجرة اليهود من أوروبا في ظل تنامي استهداف حكومة ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر مع قرب الحرب العالمية الثانية ليهود أوروبا في ألمانيا، بولندا، النمسا، المجر، هولندا، التشيك، وليكون التأسيس الرسمي والتنظيمي للجهاز على شكله وعمله الحالي في 13 سبتمبر 1949 في العاصمة تل أبيب، ويحمل بعد ذلك في 1953 ملفات العمل المستمرة حتى الآن.
ويعتبر هذا الكيان الذي تأسس في يونيو/ حزيران 1919، هو نواة جهاز “الموساد” ومن أقدم كيانات أجهزة الاستخبارات في منطقة الشرق الأوسط ليأتي بخبرات عمل أوروبية أو أمريكية، لم يكن يتوصل اليها دول المنطقة التي كانت محتلة حينئذ أو تحت الولاية العثمانية التي كانت تنهار وتسقط في تلك المرحلة، وكان له دور كبير في تأسيس الدولة عبر بناء المستوطنات من جهة ، وحماية المستوطنات القائمة ومن يقيمون فيها الحياة من اليهود المهاجرين واستكمال عمليات شراء الأراضي وأيضا ربط إنشاء الدولة باستمداد قوة من علاقات للحركة الصهيونية المنتشرة بالعالم في ظل لوبيهات أنشأت مكاتب في البداية لذلك الغرض في لندن، نيويورك، برلين، باريس، بازل، فيينا.
واعتمد هذا “المركز” بالأساس على تكوين النفوذ الدولي وإقامة شبكات عمل تخدم إنشاء الوطن القومي لليهود وتجميع المعلومات التي سيتحرك على أساسها هذا الجهاز الوليد الذي استمد خبرات عمل من مكاتب كانت قائمة بالفعل بشكل رسمي في دول أوروبية حتى قبل عقد المؤتمر الصهيوني الأول الذي أقيم في بازل السويسرية بزعامة تيودور هرتزل من 29 أغسطس حتى 31 أغسطس/ آب 1897.
وينطلق عمل الجهاز من تهيئة المسارات لإنشاء الدولة ببناء المستوطنات والحصول على تأييد من الدول الكبرى وكان وقود عمله في الداخل، ما يعرف بـ”الجيل الثاني” من اليهود الذين يعيشون في أراضي فلسطين، وهم أبناء جيل الرعيل الذي سمح بقدومه في موجات الهجرة الأولى بين 1884 حتى 1886، عبر فرمانات من السلطان العثماني “عبد الحميد الثاني” الذي تولى الحكم في أغسطس/ آب 1876 حتى أبريل/ نيسان 1909، وكانت فلسطين تحت ولايته، وخرجت الفرمانات عبر تفاهمات مع بريطانيا وفرنسا بتحريك من جانب “الوكالة الصهيونية”.
وكان “الجيل الثاني” من أبناء المهاجرين، مندمجين بشكل ممنهج من جانب “الوكالة” في المجتمع العربي، ليجمعوا معلومات حول الرأي العام العربي حول قبول الهجرة اليهودية، وخريطة الأراضي الخالية التي من الممكن وضع اليد عليها داخل فلسطين وأيضا الأراضي التي يرغب أصحابها ومن يعيشون فيها أو يزرعونها في بيعها، وبجانب ذلك الشق الأمني المتعلق بمعلومات حول تجهيزات الجماعات والعائلات العربية لمواجهة عمليات الاستيطان سواء بالهجوم على المستوطنات التي تم بنائها في العقدين الأخيرين والتي مولت في الأساس من الزعيم الصهيوني روتشيلد، لتتحرك على أثر ذلك الوكالة الصهيونية والجماعات اليهودية بالداخل،ويقوموا بعملهم المنوط به الاستيلاء على الأراضي أو شرائها، التعامل البروباجندي والإعلامي مع الرأي العام العربي حول هجرة اليهود، حماية المستوطنين والمهاجرين من أية هجمات تستهدفهم.
وركزت الحركة الصهيونية على إنشاء هذا جهاز بالداخل، حتى يبدأ في التمهيد لمهام إنشاء الدولة في حدود تسير بمحاذاة خط سكة حديد الحجاز حول فلسطين، غور شرق الأردن، جنوب لبنان وصولاً إلى صيدا وصور والقنيطرة السورية، وذلك كما جاء في الخريطة التي عرضها “حاييم وايزمان” رئيس الوفد الصهيوني أمام مؤتمر السلام عام 1919 الذي عقد في قصر فرساي بالعاصمة الفرنسية باريس، والذي شكل فيه القوى الدولية صاحبة الهيمنة عقب الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918 بهزيمة إمبراطوريات ألمانيا والنمسا والدولة العثمانية وبلغاريا.