القاهرة – (رياليست عربي): تشهد العلاقات المصرية -السعودية حالة صراع مكتومة على انتزاع القوة الناعمة، صحيح أن الدوائر الرسمية تتحفظ على الحديث في الأمر، لكن على المستوى الشعبي، أوساط النخبة لم يعد الأمر خفياً، وتصاعد مؤخراً منسوب الغضب الشعبي المصري ضد رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ.
ومنذ اختراق تركي آل الشيخ الوسط الرياضي المصري وتغلغله فى أندية كبيرة تمتلك شعبية جارفة (الأهلي والزمالك) من بعدهما استثماره في الرياضة المصرية من خلال شراء نادي بيراميدز، تصاعدت حدة الخلافات على المستوى الشعبي، خاصة بعد المشكلات التي صنعها مع رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي محمود الخطيب، واستغلال رئيس الزمالك المستشار مرتضى منصور، ما أعلنه المستثمر السعودي حول الهدايا المقدمة لمجلس الأهلي في معايرة الأخير إعلاميا بهذه الهدايا، وانتقال الخلافات لمنطقة شخصية طالت الزوجات والأبناء.
حالة الغضب الشعبي والجماهيري ضد رئيس هيئة الترفيه السعودية، دفعت المستشار تركي آل الشيخ، إعلانه الانسحاب من الوسط الرياضي المصري، وتعهده بعدم التدخل ومطالبة متابعي حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بالتوقف عن الزج باسمه في تلك المشكلات بين بطلي الدوري المصري الأهلي والزمالك.
حالة الاستقطاب للقوة الناعمة لم يتوقف عند هذه الحد، وبدأ المستشار السعودي حربا ضروس فى المجال الفني مستغلا في البداية موسم الرياض الترفيهي لاستقطاب نجوم القاهرة التي توصف بـ«هوليود الشرق»، في بداية الأمر سارت الأمور بشكل منطقي في سياق تناقلت الفنانين بين العواصم العربية.
مع مرور الوقت بدأ الصراع المعلن على انتزاع القوة الناعمة، وشرع تركي آل الشيخ، فى توجيه ما تمتلكه بلاده من إمكانات مالية لدخول عالم الانتاج الفني بجميع مسمياته سواء الطرب أو التمثيل أو البرامج الترفيهية، بهدف جذب نجوم مصر ولبنان تحديدا وإبعادهم عن العاصمة المركزية للفن العربي.
الأوساط الفنية تتحدث في الدوائر المغلقة عن تلك الأزمة على استحياء معللة قبول الدعوات السعودية لنقل دفة انتاجهم الفني بندرة الانتاج فى مصر نتيجة الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد هذه الأيام، لدرجة اعتبار البعض منهم أن المملكة بديل آمن لضمان الحفاظ على حياة الرفاه التي اعتادوا عليها.
الخلاف المكتوم والذي ظل محصورا بين فئة غير فاعلة فى القرارات، تدحرج مع الوقت إلى الطبقة السياسية، بعدما عبر أحد نواب الشعب عن غضبه احتفالية توزيع جوائز «Joy Awards» في الرياض بالمملكة، الأمر الذي دفع المستشار عبد الوهاب عبدالرازق، رئيس مجلس الشيوخ، للرد خلال جلسة عامة، مؤكدا أن مصر حينما تنظم أي احتفالات، يتم متابعته من العالم كله لسنوات مقبلة، موجها التحية إلى النائب على غيرته وسعيه لأن تكون مصر في أفضل.
ولم يعد خفيا إقليما مساعي المملكة العربية السعودية، للتخلص من الصورة النمطية المأخوذة عنها حول دعم الإرهاب بسبب تبنى الفكر الوهابي، وشرعت في صناعة الترفيه كدليل على حسن النوايا أمام الغرب وخلع رداء التشدد الديني، ويري المراقبون للمنطقة سباق محموم تقوده الرياض لانتزاع دفة الريادة الفنية من القاهرة صاحبة التاريخ في هذا المجال كبديل سريع للقفز على المحرمات التي سيطرت على المشهد السياسي هناك لسنوات وجعل الرياض قبلة جديدة لأهل الفن بديلا عن القاهرة مستغلة الأزمة الحالية التي تعانى منها الأخيرة، بضخ مليارات الدولارات فى هذه الصناعة لبلوغ سقفها سريعا.
وتظل النقطة الأكثر جدلا في هذه الأزمة، هي فكرة انتزاع القوة الناعمة لأهداف سياسية مستقبلية بهدف فرض أجندة سعودية على الإقليم بذات الطريقة التي تم بها نشر الوهابية في الماضي