الفاتيكان – (رياليست عربي): يشهد العالم الكاثوليكي هذه الأيام حالة من الترقب والانتظار مع اقتراب انتخاب بابا جديد للفاتيكان، في ظل ظروف استثنائية تواجه الكنيسة الكاثوليكية على المستويات الروحية والتنظيمية والسياسية.
ويأتي هذا الانتقال القيادي في وقت تواجه فيه الكنيسة تحديات جسيمة تتراوح بين تراجع الإقبال على الممارسات الدينية في أوروبا، واتساع رقعة الفضائح الجنسية التي هزت ثقة المؤمنين، وضرورة مواكبة التحولات الاجتماعية الكبرى في العالم.
تتجه الأنظار نحو مجمع الكرادلة الذي سيجتمع في سيستين كابيلا للبدء في عملية الانتخاب السري التي قد تستغرق أياماً أو أسابيع، كما تشير الدوائر الكنسية في روما إلى وجود عدة مرشحين بارزين يتصدرون المشهد، يمثلون تيارات مختلفة داخل الكنيسة، بين محافظين حريصين على التقاليد العقائدية، وإصلاحيين يدعون إلى مواكبة العصر في قضايا مثل دور المرأة في الكنيسة وموقفها من المثليين.
من بين التحديات الملحة التي سيواجهها البابا الجديد ضرورة معالجة أزمة الثقة الداخلية الناجمة عن فضائح التحرش الجنسي التي طالت شخصيات كنسية رفيعة المستوى، كما سيكون مطالباً بإعادة تعريف دور الكنيسة في عالم يشهد تحولات عميقة في القيم والمفاهيم الأخلاقية، مع الحفاظ على الثوابت العقائدية التي تأسست عليها.
على الصعيد الدولي، سيتعين على البابا الجديد التعامل مع علاقات الكنيسة المعقدة مع القوى العالمية الكبرى، خصوصاً في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، ومن المتوقع أن يلعب دوراً مهماً في قضايا السلام العالمي وحوار الأديان والهجرة، وهي الملفات التي كانت تحتل مكانة مركزية في سياسات الفاتيكان الخارجية.
في الجانب التنظيمي، تبرز مهمة إصلاح الجهاز الإداري للفاتيكان (الكوريا الرومانية) كأولوية قصوى، بعد سنوات من الانتقادات الداخلية لبطء الإجراءات والبيروقراطية المفرطة. كما سيكون للبابا الجديد مهمة إدارة الخلافات داخل الأسرة الكاثوليكية نفسها بين التيارات المختلفة التي تتنازع حول أولويات الكنيسة ورسالتها.
في هذا السياق التاريخي الحرج، يترقب أكثر من مليار كاثوليكي حول العالم اختيار القائد الروحي الجديد، على أمل أن يتمكن من قيادة الكنيسة عبر عاصفة التحديات الراهنة، مع الحفاظ على وحدة المؤمنين وتجديد الرسالة المسيحية في عالم سريع التغير، وتكمن المفارقة في أن هذا المنصب الروحي الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام، يواجه اليوم اختباراً مصيرياً في قدرته على التكيف مع متطلبات القرن الحادي والعشرين دون المساس بجوهر رسالته.