واشنطن – (رياليست عربي): بينما تركزت الأضواء مؤخراً على خلاف البيت الأبيض مع جامعات النخبة مثل كولومبيا وهارفارد، فإن سياسات الرئيس دونالد ترامب تستهدف بصورة أوسع التعليم العام في المدارس الابتدائية والثانوية. فقد أعلنت الإدارة عن تقليص كبير في وزارة التعليم، بما في ذلك تخفيض نصف موظفيها وخصوصاً مكتب الحقوق المدنية، إضافة إلى مقترحات بخفض التمويل الفدرالي للتعليم العام بمقدار 12 مليار دولار في موازنة عام 2026.
وتسعى الإدارة إلى نقل قروض الطلاب التي تتجاوز قيمتها تريليون دولار إلى إدارة الأعمال الصغيرة، رغم افتقارها للخبرة في هذا المجال، كما تفرض قيوداً على ما يمكن تدريسه في المدارس، مهددة بوقف التمويل عن المناطق التعليمية التي تعترف بالهوية المتحولة جنسياً أو تُدرّس مفاهيم مثل «العنصرية البنيوية» و«الامتياز الأبيض»، مقابل الدفع نحو «التعليم الوطني» ذي الطابع التمجيدي للتاريخ الأمريكي.
وفي المقابل، يجري تحويل مليارات الدولارات إلى المدارس الخاصة عبر برامج القسائم والمنح الضريبية. فقد أقرّ الكونغرس في يوليو 2025 قانوناً يمنح دافعي الضرائب خصماً مباشراً يصل إلى 1700 دولار للفرد على التبرعات لصالح المنظمات التي تموّل منح التعليم الخاص، فيما خصصت 33 ولاية نحو 8,2 مليار دولار لدعم هذا النوع من التعليم في عام 2024.
ويرى منتقدون أن هذه السياسات تهدد بتقويض مبدأ التعليم المجاني والشامل الذي أرسته شخصيات مثل هوراس مان، والذي أسهم في بناء قوة عاملة متعلمة وقيم ديمقراطية على مدى أكثر من 150 عاماً. ومع تراجع أعداد الطلاب في المدارس العامة بسبب الهجرة نحو المدارس الخاصة، تتقلص الموارد المخصصة للمعلمين والبنية التحتية، ما يؤدي إلى إغلاق بعض المدارس نهائياً كما حدث في ولايات مثل أريزونا.
ويحذر خبراء من أن استمرار هذا الاتجاه سيضعف قدرة التعليم العام على تعزيز المساواة الاجتماعية والاقتصادية، ويترك الولايات المتحدة أكثر انقساماً وأقل قدرة على تأمين ازدهار مشترك لمواطنيها.