مدريد – (رياليست عربي): في الوقت الذي ساد فيه الهدوء على حدود مليلية غداة محاولة عدد من المهاجرين من أصول إفريقية اقتحام السياج الحدودي للجيب الاسباني الواقع في شمال المغرب أدت إلى مقتل 18 منهم حسب آخر حصيلة نشرتها السلطات المغربية في مأساة جديدة مرتبطة بالهجرة على أبواب الاتحاد الأوروبي، بات التساؤل الرائج متعلقا بحقيقة قيام الدولة المغربية بالسماح لمهاجرين من مواطنيها أو من دول أخرى على أراضيها، بالعبور إلى هذا “الجيب” الذي يعتبر محتلا لمواجهة الجحيم أو المجهول، وذلك كأداة تحاول بها الرباط تحرير تلك المدينة الخاضعة إلى إسبانيا على الرغم من أنها داخل التراب المغربي.
وتحدث مراقبون عن أن المغرب فشل عسكرياً وأيضاً دبلوماسياً لإعادة “مليلية” ومثيلتها “سبتة” من إسبانيا طوال عقود، وأن الضغط الشعبي داخل المملكة فيما يتعلق بالمدينتين قد يكون دافعا لاستخدام أوراق منها “المهاجرين العزل” ليلقوا بهم في المجهول أمام إسبانيا.
مليلية هي مدينة مغربية تحت السيادة الإسبانية، تقع على القارة الأفريقية قبالة الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة الإيبيرية. تحيط بها الأراضي الريفية المغربية من كل الأطراف، تحدها من الشرق والشمال الشرقي البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها 12,3 كم ،وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1995 تتمتع بصيغة للحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني عام 1995، كما هو الحال لمدينة “سبتة” الواقعة تحت السيادة الإسبانية ذاتية الحكم ويعتبرها المغرب مدينة محتلة ولا يزال يطالب باسترجاعها، تقع مقابل لمضيق جبل طارق، تحدها من الشمال والجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها 19 كم.
ويشكل جيبا “مليلية” و”سبتة” الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الإفريقية ويشهدان بانتظام محاولات دخول مهاجرين يريدون الوصول إلى أوروبا.
وكان قد حاول حوالى ألفي مهاجر يوم الجمعة الماضي اقتحام السياج الفاصل، وخرجت الحصيلة الأولية بمقتل خمسة منهم وجرح 76 آخرين بينهم 13 في حال خطرة.
وكانت قد تحدثت مصادر محلية لوسائل إعلام عن أن الضحايا سقطوا في حوادث تدافع وفي سقوطهم من السياج الحديدي الذي يفصل الجيب الإسباني عن الأراضي المغربية.
وبحسب تقارير، تأتي هذه المحاولة لهروب المهاجرين هي الأولى منذ عودة العلاقات إلى طبيعتها في منتصف مارس/ آذار الماضي بين مدريد والرباط، إثر خلاف دبلوماسي استمر قرابة سنة، وذلك عقب استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي في أبريل 2021 لتلقي العلاج إثر إصابته بفيروس كورونا، وبلغت أوجها في مايو 2021 مع دخول أكثر من عشرة آلاف مهاجر في غضون 24 ساعة إلى “سبتة” مستفيدين من تساهل في عمليات التدقيق الحدودية في الجانب المغربي، وأنهى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الأزمة بإعلانه دعم مدريد لخطة المغرب بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المستعمرة الاسبانية السابقة التي يسيطر المغرب على 80% منها وتطالب بها جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “البوليساريو” المدعومة من الجزائر، واستقبله العاهل المغربي الملك محمد السادس في بداية أبريل لتكريس المصالحة.
ويعتبر الهدف الأساسي بالنسبة إلى مدريد لهذا التطبيع هو ضمان “تعاون” من جانب الرباط في السيطرة على الهجرة غير الشرعية.
ويتهم المغرب الذي ينطلق منه معظم المهاجرين إلى إسبانيا، باستمرار في الماضي باستخدامهم وسيلة للضغط على إسبانيا.