باريس – (رياليست عربي): تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لضربة سياسية جديدة بعد سقوط حليفه الرئيسي، رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، في اقتراع حجب الثقة داخل الجمعية الوطنية يوم الاثنين، حيث صوّت 364 نائباً لإسقاطه مقابل 194 فقط لصالح بقائه. ويأتي ذلك ليجعل ماكرون أمام مهمة تعيين خامس رئيس وزراء خلال أقل من عامين، وسط شكوك واسعة حول قدرة أي حكومة جديدة على تمرير تخفيضات في الميزانية بعشرات المليارات من اليورو لإنقاذ ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي من أزمة ديون متفاقمة.
شعبية ماكرون وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ احتجاجات «السترات الصفراء»، فيما تستعد النقابات لإضراب وطني في 10 سبتمبر وتظاهرات كبرى في 18 من الشهر نفسه. وخلال جلسة البرلمان، اتهمت أحزاب المعارضة ماكرون بالمسؤولية المباشرة عن حالة الجمود. وقال بوريس فالو، زعيم الكتلة الاشتراكية: «هناك شخص واحد مسؤول عن الأزمة والفوضى وعدم الاستقرار: إنه رئيس الجمهورية». أما زعيمة حزب «فرنسا الأبية» ماثيلد بانو فدعت صراحة إلى استبداله: «إذا كان الرئيس لا يريد تغيير سياساته، فعلينا أن نغيّر الرئيس».
يحاول ماكرون الحفاظ على «الوسط السياسي» عبر تفاهم محتمل مع الاشتراكيين والوسطيين وحزب «الجمهوريين» المحافظين لتشكيل حكومة أقلية قادرة على تمرير الموازنة، لكن الانقسامات العميقة بين اليسار واليمين تجعل فرص هذا السيناريو ضئيلة. الاشتراكيون يرون أن الفرصة متاحة لفرض أجندتهم عبر تعيين رئيس وزراء من صفوفهم، بينما يحذر «الجمهوريون» من أي حكومة تحمل بصمة «الجبهة الشعبية الجديدة» ذات التوجهات اليسارية الراديكالية.
وفي خطابه الوداعي أمام البرلمان، حذّر بايرو من «مستوى الديون المهدد للحياة»، قائلاً للنواب: «يمكنكم إسقاط الحكومة، لكن لا يمكنكم محو الواقع». ومع ذلك، يبقى المشهد السياسي ضبابياً، إذ يدعو اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان إلى حلّ البرلمان، معتبرة أن الانتخابات المبكرة لم تعد خياراً بل «واجباً».
ويرى مراقبون أن فرنسا تقترب من حالة «عدم قابليتها للحكم»، حيث لا تلوح في الأفق حلول توافقية، فيما تتجه الأزمة إلى مزيد من التعقيد مع اقتراب استحقاقات انتخابية محلية في مارس 2026، ما يزيد الضغوط على ماكرون وحزبه في مرحلة وُصفت بأنها نهاية العهد.