نيويورك – (رياليست عربي): تصاعدت حدة التوتر في المنطقة بعد تصريحات المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة التي أشارت إلى أن العملية العسكرية ضد إيران قد تستمر “لفترة غير محددة”، مما أثار تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية الحقيقية لهذه الحملة.
وتواصل إسرائيل ضرباتها ضد مواقع إيرانية حساسة تشمل منشآت نووية ومراكز أبحاث عسكرية وقواعد للحرس الثوري، في حين تهدد إيران برد “قاسٍ ومزلزل” دون أن تترجم هذه التهديدات إلى أفعال ملموسة حتى الآن.
المحللون العسكريون يرون أن استخدام إسرائيل لعبارة “فترة غير محددة” يحمل رسائل متعددة، فهو من ناحية يحاول إرباك القيادة الإيرانية وحرمانها من القدرة على التكهن بموعد انتهاء العمليات، ومن ناحية أخرى يرسل إشارة إلى المجتمع الدولي بأن إسرائيل لن تتردد في الاستمرار حتى تحقيق أهدافها الكاملة.
هذه الاستراتيجية تعكس ثقة إسرائيلية غير مسبوقة بالقدرات العسكرية والتكنولوجية التي تتفوق بشكل كبير على ما تمتلكه إيران، خاصة في مجال الحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاع الجوي.
الوضع في طهران يبدو متأزماً، حيث تظهر القيادة الإيرانية انقساماً واضحاً بين تيار يدفع نحو تصعيد المواجهة مهما كلف الأمر، وآخر أكثر واقعية يدرك مخاطر الدخول في حرب مفتوحة مع إسرائيل تمتلك تفوقاً عسكرياً ساحقاً، هذا الانقسام تجلى في التباين بين الخطاب الرسمي المتشدد من جهة، والإجراءات الفعلية الحذرة من جهة أخرى، حيث اقتصر الرد الإيراني حتى الآن على إطلاق بعض الطائرات المسيرة التي تم اعتراض معظمها.
على الصعيد الدولي، تباينت المواقف بشكل لافت، فبينما أعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل “لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، سارعت روسيا إلى استدعاء سفيرها في تل أبيب للاحتجاج على ما وصفته “انتهاكاً خطيراً للسيادة الإيرانية”، أما الدول الأوروبية فقد اكتفت بدعوات عامة لضبط النفس، في حين عبرت الدول العربية عن قلقها العميق من تداعيات هذا التصعيد على أمن واستقرار المنطقة.
التداعيات الاقتصادية لهذا التصعيد بدأت تظهر بوضوح في الأسواق العالمية، حيث قفزت أسعار النفط بأكثر من 8% منذ بداية الأزمة، كما شهدت الأسواق المالية موجة من التقلبات الحادة. الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن استمرار الأزمة قد يدفع بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، خاصة في ظل المخاوف من تعطيل إمدادات الطاقة من المنطقة.
في الخلفية، تبدو إسرائيل مصممة على استغلال هذه الفرصة التاريخية لتحقيق ضربة استراتيجية كبرى للنفوذ الإيراني في المنطقة، مستفيدة من عدة عوامل أهمها الدعم الأمريكي غير المسبوق، والتفوق العسكري الساحق، والوضع الداخلي المتأزم في إيران. بينما تواجه طهران معضلة وجودية، حيث أن أي رد قوي قد يكشف عن ضعف قدراتها العسكرية الفعلية، في حين أن عدم الرد سيُفقد النظام مصداقيته أمام شعبه وحلفائه الإقليميين.
المستقبل القريب يحمل عدة سيناريوهات، أكثرها ترجيحاً هو استمرار إسرائيل في ضرباتها الانتقائية ضد الأهداف الإيرانية مع تجنب الدخول في مواجهة شاملة، في حين ستكتفي إيران بردود رمزية تحاول من خلالها إنقاذ ماء وجهها، لكن السيناريو الأسود الذي يخشاه الجميع يتمثل في انزلاق غير محسوب نحو مواجهة واسعة النطاق قد تشمل ضرب المنشآت النووية الإيرانية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات لا يمكن حصرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره.