جوبا – (رياليست عربي): أعلنت السلطات القضائية في جنوب السودان، الخميس، توجيه تهمة الخيانة إلى النائب الأول للرئيس ريك مشار، إلى جانب اتهامات بجرائم قتل، إرهاب، مؤامرة، وتدمير ممتلكات عامة وعسكرية، في خطوة تثير المخاوف من انزلاق البلاد مجدداً نحو حرب أهلية شاملة.
مشار يخضع للإقامة الجبرية منذ مارس الماضي، بعدما اتهمته الحكومة الانتقالية، التي يشارك فيها، بالقيام بأنشطة “تخريبية” ضد الرئيس سلفا كير. وتشهد البلاد منذ ذلك الحين مواجهات بين القوات الحكومية وميليشيات تقول جوبا إنها موالية لمشار، أبرزها ميليشيا “الجيش الأبيض” التي شنت هجوماً في مارس على حامية عسكرية بولاية أعالي النيل، ما أسفر عن مقتل قائدها وعدد من الجنود. وزارة العدل قالت في بيان إن الهجوم تم “بتنسيق عسكري وسياسي” من جانب مشار وحلفائه.
مصادر محلية أكدت أن مشار وسبعة آخرين “تم إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم وبحقوقهم الدستورية”، غير أن المتحدث باسمه بويك بوث بالوانغ وصف القرار بأنه “مطاردة سياسية”، مشدداً على أن النظام القضائي يفتقر للاستقلالية ويخضع لتوجيهات سياسية.
محللون حذروا من أن هذه الخطوة قد تزيد المشهد تعقيداً، في وقت يضغط قادة إقليميون على جوبا لتثبيت اتفاق السلام الهش الموقع عام 2018، والذي لم يُنفذ بشكل كامل حتى الآن. الناشط المدني البارز إدموند ياكاني دعا إلى محاكمة المتهمين أمام محكمة مختصة وشفافة، لا ما وصفه بـ”محكمة صورية”.
الصراع بين كير ومشار له جذور تاريخية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي عندما انشق مشار عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، ما أثار اتهامات بالخيانة وارتكب مقاتلوه حينها مجزرة ضد قبيلة الدينكا في مدينة بور. هذا الإرث زرع انعدام ثقة عميق بين الطرفين، رغم تعاونهما لاحقاً على قيادة البلاد بعد استقلالها عام 2011.
وفي عام 2013، أقال كير نائبه بدعوى التخطيط لانقلاب، لتندلع حرب أهلية أودت بحياة ما يقدر بنحو 400 ألف شخص. واليوم، يرى مراقبون أن التوتر الشخصي والعرقي بين الزعيمين ما زال يهدد استقرار جنوب السودان، وسط مؤشرات على أن طموحات مشار السياسية تصطدم بإصرار كير على التمسك بالسلطة.