لندن – (رياليست عربي): لطالما وُصف المملكة المتحدة بأنها أكثر أعرق الدول في التعاطي السياسي ورسم الخطط الطويلة الأمد والتنقيب عن المكاسب في المستعمرات العالمية، لكن وبحسب كتّاب ومراقبين غربيين، فإن هذا البلد بات يعيش اضطراباً ملحوظاً فيما يخص خياراته الاستراتيجية.
لقد شكل إلغاء منصب الوزاري الخاص بشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية جلبةً كبيرة بين الصحافيين والمراقبين الغربيين عموماً، والبريطانيين خصوصاً، حيث يعتبر هؤلاء بأن لندن تخاطر بإغفال منطقة جيو – استراتيجية بغاية الأهمية تتمثّل في الشرق الأوسط.
إذ شكّل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منطقة حساسة للأمن العالمي على مختلف الجبهات، ففي الجانب المناخي، سيُعقد مؤتمرا الأمم المتحدة للتغير المناخي القادمين “كوب” COP في المنطقة: هذا العام في شرم الشيخ والعام المقبل في الإمارات العربية المتحدة، وعلى صعيد اللاجئين، مع استمرار عدم الاستقرار السياسي في تهجير العائلات، سيستمر هذا الأمر في ترك آثار كبيرة على الدول الأوروبية، وعلى صعيد الإرهاب الذي يستمر في تهديد الغرب، فهو لا يزال يشكّل واقعاً يعيشه الكثير من بلدان الشرق الأوسط.
وتبرز مسألة قلق إضافية تتمثّل في أنّ السنوات القليلة المقبلة ستشهد عودة الجغرافيا السياسية للنفط، ومع فرض البلدان الغربية عقوبات على روسيا وقطع إمدادات الغاز الواردة منها، فمن المرجح أن ترتفع أسعار النفط بشكلٍ ملحوظ.
يأتي ذلك بعد ثلاثة أشهر من قيام المملكة المتحدة بإلغاء 90 مليون جنيه استرليني (113 مليون دولار) من الميزانية المقررة لإدارة فض المنازعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فضلاً عن اقتطاع 50 في المئة من الميزانية المخصصة للعمل على حماية الأطفال من خطر الألغام في كل من سوريا ولبنان وكذلك ميزانية برامج المساعدات المخصصة للاجئين السوريين.