واشنطن – (رياليست عربي): في تطور دبلوماسي جديد، كشف السناتور الأمريكي ماركو روبيو عن تلقي الغرب لمقترحات جديدة من روسيا بخصوص التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية.
هذه المبادرة الروسية الجديدة تأتي في سياق معقد تتداخل فيه العوامل العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، مما يجعلها تستحق تحليلاً متعمقاً من عدة زوايا.
المقترحات الروسية – حسبما أفادت مصادر مطلعة – تركّز على ثلاثة محاور رئيسية: ترتيبات أمنية إقليمية جديدة، وضع خاص لمناطق دونباس، وضمانات بعدم توسع الناتو شرقاً. وتشمل التفاصيل المطروحة إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الروسية الأوكرانية، ومنح صلاحيات موسعة للمناطق الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا، بالإضافة إلى ضمانات قانونية دولية بوقف أي توسع مستقبلي لحلف شمال الأطلسي.
من الناحية العسكرية، تزامنت هذه المبادرة مع استمرار الاشتباكات العنيفة على الأرض، حيث تسعى القوات الروسية لتعزيز مواقفها في محورين رئيسيين: اتجاه خاركيف في الشمال الشرقي، ومنطقة زابوريزهيا في الجنوب. الخبراء العسكريون يفسرون هذا التوقيت بأنه محاولة روسية للتفاوض من موقع قوة، بعد أن حققت مكاسب محدودة لكن استراتيجية في الأسابيع الأخيرة.
على الصعيد الاقتصادي، يبدو أن العقوبات الغربية المتصاعدة بدأت تترك آثاراً ملموسة على الاقتصاد الروسي، رغم الصمود النسبي الذي أظهره حتى الآن. مؤشرات مثل انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وصعوبات في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، وتراجع في بعض الصادرات غير النفطية، قد تكون عوامل دفعت الكرملين لاستكشاف مسارات دبلوماسية جديدة.
ردود الفعل الدولية على هذه المقترحات تباينت بشكل لافت. فبينما أبدت الصين وتركيا وبعض الدول الأفريقية ترحيباً حذراً بأي خطوة نحو السلام، اتخذ الموقف الغربي طابعاً أكثر تحفظاً. السكرتير العام لحلف الناتو صرّح بأن الحلف “يدعم الموقف الأوكراني بالكامل”، بينما دعا مجلس الأوروبا إلى “سلام عادل يستند إلى احترام القانون الدولي”.
المفارقة اللافتة أن هذه التطورات تأتي بالتزامن مع استعدادات الجيش الأوكراني لاستلام دفعات جديدة من الأسلحة الغربية المتطورة، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي متقدمة وصواريخ بعيدة المدى. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت المقترحات الروسية محاولة جادة للسلام، أم مجرد مناورة تكتيكية لعرقلة التسلح الأوكراني.
محللون سياسيون يرون أن المخرج الوحيد الممكن من هذه الأزمة قد يكون عبر “صفقة كبرى” تضمن مصالح الأطراف الأساسية: ضمانات أمنية لروسيا، وعودة السلام لأوكرانيا، وحلول اقتصادية للغرب. لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من أن الطريق إلى أي اتفاق نهائي لا يزال شائكاً وطويلاً، خاصة مع استمرار الهوة الكبيرة في المواقف بين موسكو من جهة، وكييف وحلفائها الغربيين من جهة أخرى.