أنقرة – (رياليست عربي): تشهد تركيا موجة حرائق غابات غير مسبوقة هذا الصيف، حيث امتدت النيران لتلتهم مساحات شاسعة من الغطاء النباتي في عدة محافظات تركية، لاسيما في المناطق السياحية المطلة على بحر إيجه والبحر المتوسط. هذه الكارثة البيئية تترك آثاراً اقتصادية وسياحية بالغة، تهدد قطاعات حيوية في البلاد.
تشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر المباشرة للحرائق قد تتجاوز مليارات الدولارات، مع تدمير آلاف الهكتارات من الغابات والأراضي الزراعية. كما أدت النيران إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية في بعض المناطق، حيث تم إجلاء آلاف السكان والسياح على عجل، فيما تكافح فرق الإطفاء التركية المدعومة من عدة دول للسيطرة على النيران.
في القطاع السياحي، الذي يمثل أحد أهم مصادر الدخل القومي لتركيا، بدأت تظهر تداعيات سلبية واضحة. أعلنت عدة وكالات سفر أوروبية عن إلغاء حجوزات سياحية واسعة في المناطق المتضررة، فيما ألغى العديد من السياح رحلاتهم المخطط لها إلى المناطق الساحلية التركية. وتشير بيانات أولية إلى انخفاض معدلات الإشغال الفندقي في بعض المناطق بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالموسم الماضي.
من جهة أخرى، يعاني القطاع الزراعي من ضربات قاسية، حيث دمرت النيران مزارع الزيتون والحمضيات التي تشتهر بها المنطقة، مما سيؤثر حتماً على صادرات تركيا من هذه المنتجات. كما تأثرت تربية النحل وإنتاج العسل، الذي تشتهر به مناطق الغابات المحترقة.
على صعيد السياسات الحكومية، أعلنت أنقرة عن حزمة إغاثة طارئة للمناطق المتضررة، تشمل تعويضات للمزارعين ودعم لإعادة الإعمار. كما بدأت السلطات التركية بحملة علاقات عامة مكثفة لطمأنة السياح، مؤكدة أن معظم المناطق السياحية الرئيسية لم تتأثر بالحرائق وأنها آمنة تماماً للزيارة.
في الأوساط الاقتصادية، يرى محللون أن تأثير الحرائق سيكون مؤقتاً في معظمه، مع توقع تعافي القطاع السياحي في المواسم القادمة إذا ما تمت السيطرة على الأزمة الحالية. إلا أنهم يحذرون من تداعيات طويلة الأمد على البيئة والتنوع الحيوي، قد تؤثر على جاذبية بعض المناطق كوجهات سياحية طبيعية.
ختاماً، بينما تواصل تركيا جهودها لإخماد الحرائق، تبرز أسئلة مهمة حول مدى استعداد البلاد لمثل هذه الكوارث في ظل تغير المناخ، وآليات تعافي القطاعات الاقتصادية المتضررة، وقدرة تركيا على الحفاظ على مكانتها كواحدة من أهم الوجهات السياحية العالمية في ظل هذه التحديات البيئية المتفاقمة.