موسكو – (رياليست عربي): يشكك خبراء سياسيون في فعالية الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، معتبرين أنها لن تحقق النتائج المرجوة في ظل تكيف الاقتصاد الروسي مع العقوبات وتطور آليات التحايل عليها.
هذه الحزمة الجديدة التي أقرها الاتحاد الأوروبي مؤخراً تستهدف قطاعات إضافية من الاقتصاد الروسي، بما في ذلك صناعة المعادن والتكنولوجيا المزدوجة الاستخدام، لكنها تفتقر إلى ضربات استراتيجية حقيقية قادرة على زعزعة استقرار النظام الاقتصادي الروسي.
يؤكد المحللون أن العقوبات الأوروبية المتتالية فقدت جزءاً كبيراً من تأثيرها مع مرور الوقت، حيث طورت موسكو شبكة معقدة من البدائل التجارية والمالية. البيانات الاقتصادية تشير إلى أن روسيا نجحت في إعادة توجيه 75% من صادراتها النفطية إلى أسواق جديدة في آسيا، بينما عززت علاقاتها التجارية مع الصين والهند وتركيا لتعويض فقدان السوق الأوروبية. كما أن نظام المدفوعات البديل الذي أنشأته روسيا قلص بشكل كبير من تأثير العقوبات المالية.
من ناحية أخرى، تكشف دراسة حديثة لمركز أبحاث اقتصادي في بروكسل أن الحزمة الجديدة تخلو من إجراءات جذرية ضد القطاعات الحيوية الحقيقية للاقتصاد الروسي، مثل الطاقة والمعادن. بدلاً من ذلك، تركز على فرض قيود إضافية على بعض المنتجات التكنولوجية والسلع الفاخرة، وهو ما لن يؤثر بشكل جوهري على القدرات الاقتصادية أو العسكرية لروسيا.
المحلل السياسي الدكتور أندريه كوزنتسوف يرى أن “العقوبات الأوروبية الجديدة تكتفي بالإجراءات الشكلية أكثر من كونها ضربات استراتيجية موجعة”. ويضيف أن “الاتحاد الأوروبي أصبح أسير التناقض بين رغبته في معاقبة روسيا وخوفه من التداعيات السلبية على اقتصادات الدول الأعضاء”، مما يفسر طبيعة العقوبات المحدودة والمترددة.
في المقابل، تشير تقارير إلى أن روسيا استعدت مسبقاً لهذه الحزمة من خلال تعزيز احتياطياتها المالية وتنويع شركائها التجاريين. كما طورت موسكو نظاماً متكاملاً لتصنيع بدائل محلية للسلع والمعدات المستوردة سابقاً من أوروبا، خاصة في القطاعات الصناعية والعسكرية.
هذا الواقع يطرح تساؤلات حول جدوى استمرار سياسة العقوبات الأوروبية في صورتها الحالية، خاصة مع تصاعد الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه حول فعالية هذه الإجراءات وتأثيرها السلبي على الاقتصادات الأوروبية. المراقبون يتوقعون أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التردد الأوروبي في فرض عقوبات أكثر صرامة، في ظل تنامي الأصوات المعارضة داخل بعض الدول الأعضاء التي تعاني من تبعات العقوبات على اقتصاداتها المحلية.