واشنطن – (رياليست عربي): في قرار تاريخي هزّ الأوساط الاقتصادية، قضت محكمة اتحادية أمريكية بعدم قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم.
جاء الحكم الذي صدر يوم الأربعاء الماضي تتويجاً لمعركة قانونية استمرت سنوات، حيث اعتبرت المحكمة أن استخدام ترامب لصلاحيات الأمن القومي لفرض هذه الرسوم كان “تجاوزاً للسلطة” و”غير مبرر” بتهديد حقيقي للأمن القومي.
هذه الرسوم التي بلغت 25% على الصلب و10% على الألمنيوم كانت قد أقرت عام 2018 ضمن سياسة ترامب الحمائية، التي ادعى أنها تهدف لحماية الصناعة الأمريكية، لكن النتائج على الأرض جاءت عكسية تماماً، حيث ارتفعت تكاليف الإنتاج في الصناعات الأمريكية التي تعتمد على هذه المواد، وفقدت البلاد آلاف الوظائف في قطاعات حيوية مثل السيارات والبناء، بينما ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة ملحوظة.
ورداً على هذه الإجراءات، فرضت الصين والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك رسوماً مماثلة على المنتجات الأمريكية، مما أشعل حرباً تجارية كلفت الاقتصاد العالمي مليارات الدولارات.
اليوم، يأتي قرار المحكمة لينصف الشركات المستوردة التي عانت من هذه السياسة، وليؤكد أن الحمائية ليست حلاً للمشكلات الاقتصادية.
وقد علقت الدول المتضررة على القرار بارتياح واضح، حيث وصفت الصين الخطوة بأنها “عودة للتوازن التجاري”، فيما أشاد الاتحاد الأوروبي بالقرار معتبراً إياه “انتصاراً للتجارة الحرة”، أما في الجانب الأمريكي، فتتجه الأنظار الآن نحو إدارة بايدن، التي عليها أن تقرر ما إذا كانت ستستأنف الحكم أم ستستغل هذه الفرصة لإعادة هيكلة السياسة التجارية الأمريكية.
الخبراء الاقتصاديون يرون في هذا القرار رسالة قوية للحكومات التي تفكر في اتباع سياسات حمائية، حيث أثبتت التجربة أن مثل هذه الإجراءات تؤدي في النهاية إلى خسائر للجميع، فبدلاً من حماية الصناعات المحلية، تسبب هذه السياسات في ارتفاع التكاليف وتصاعد التوترات التجارية، مما يعيق النمو الاقتصادي العالمي.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيكون هذا القرار بداية النهاية للحروب التجارية، أم أن الحمائية ستظل سلاحاً في ترسانة السياسيين؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن ما لا شك فيه أن الاقتصاد العالمي بحاجة ماسة إلى مزيد من التعاون والتكامل، وليس إلى المزيد من الجدران والحواجز التجارية.